رئيس الدولة يبحث مع رئيس وزراء المجر العلاقات الثنائية وتنمية التعاون بين البلدين
مهرجان الظفرة يعيد ذاكرة الطفولة الحية وإرث الأجداد الخالد
في عمق الوجدان الشعبي، تظل الألعاب التراثية حكاية تنبض بالحياة، وإرثًا يعكس روح المجتمع وهويته. هي ليست مجرد وسائل للتسلية أو الترفيه، بل مرآة تعكس أصالة الماضي وعمق انتماء الأجيال لثقافة أرضها وبيئتها. في هذا السياق، يأتي مهرجان الظفرة ليعيد للأذهان ذاكرة الطفولة التي تتجاوز حدود الزمن، ويحيي ماضياً ظل محفوراً في القلوب، حيث كانت ساحات الأحياء تضج بضحكات الأطفال، وألعابهم التي تعكس بساطة العيش وثراءه في آن واحد.
الألعاب الشعبية الإماراتية ليست مجرد تسلية عابرة، بل هي كنزٌ ثقافي يختزل معاني التعاون، والابتكار، والالتزام، والاندماج الجماعي. إنها انعكاس لوجدان الشعب، وطبيعة بيئته، وقيمه المتأصلة في روح الألفة والتضامن. هذه الألعاب، التي توارثتها الأجيال جيلاً بعد جيل، كانت تسهم في صقل شخصية الأطفال، وتغرس فيهم معاني الصبر والمثابرة، وتمنحهم القدرة على التفكير الخلاق، والاعتماد على النفس، ومواجهة التحديات بروح مرحة وإرادة قوية.
في أروقة مهرجان الظفرة، تعود الحياة إلى ألعاب الماضي التي كادت أن تغيب وسط هيمنة التكنولوجيا والألعاب الإلكترونية. ألعاب مثل الكرابي، والمطارح، وصياد السمك، والعنبر، التي كانت تشكل جزءًا من يوميات الأطفال والشباب، عادت لتأخذ مكانها كرمزٍ ثقافي واجتماعي يعكس جمال البساطة وروح الجماعة. ووفق ما أشار إليه بدر محمد، مدرب الألعاب الشعبية في هيئة أبوظبي للتراث، فإن هذه الألعاب ليست مجرد نشاط ترفيهي، بل هي أداة تربوية تثري الناشئة بمعاني العطاء والانتماء، وتربطهم بماضي أجدادهم بأسلوب حي وملموس.
وللفتيات نصيبٌ وافرٌ في ذاكرة الألعاب الشعبية، حيث كانت ألعاب مثل نط الحبل، والجحيف، وخوصة بوصة، وشبير شبير تعبر عن رقة الطفولة وطبيعتها الأنثوية. وكما أوضحت موزة العبيدلي، مساعد مشرف أنشطة في الهيئة، فإن هذه الألعاب لا تقتصر على المتعة، بل تلعب دوراً كبيراً في تنمية مهارات الفتيات، سواء الحركية أو الذهنية، ما يجعلها وسيلة متكاملة لنمو الطفل الجسدي والنفسي.
يظل اللعب الشعبي جزءاً أساسياً من تطور الأطفال، فهو ليس مجرد وسيلة للترفيه، بل هو أساسٌ للنمو المتوازن. فاللعب يغرس روح التكيف والتواصل، ويمنح الطفل فرصة للتعلم من خلال التفاعل والمشاركة. إنه وسيلة تعبر عن الفطرة الإنسانية، وتخلق جيلاً قادراً على الإبداع والابتكار، متسلحاً بروح التعاون والانتماء.
الألعاب الشعبية ليست فقط جزءاً من الماضي، بل هي نبضٌ حيٌ في ذاكرة الكبار، الذين يجدون فيها حنيناً لطفولة لم تُمحَ من وجدانهم. إنها حكاياتٌ عن ضحكاتٍ صدحت في ساحات الأحياء، وعن أيامٍ كانت البساطة فيها عنواناً، والألفة شرياناً يربط القلوب.
في كل زاوية من مهرجان الظفرة، تتردد أصداء الماضي وتنبض الحياة في تراثٍ يرفض الاندثار. إنها دعوة للجيل الجديد ليكتشف إرثاً يعكس هويته، ويمنحه فرصة لفهم عمق جذوره. فالألعاب الشعبية ليست مجرد تاريخ مضى، بل هي رسالة مستمرة تعيد صياغة مفهوم الهوية والانتماء، وتؤكد أن أصالة الماضي هي أساس بناء المستقبل.