حكايات على مائدة العشاء

مواقع التنافر اجتماعي

مواقع التنافر اجتماعي

مع الخبرة الطويلة في الكتابة وتحليل الصورة والتأني في الحكم على مجريات الأحداث، يأتي موقف ليربك كل هذه الأمور خاصة مع الحياة الجديدة ونمط واسلوب تناول الموضوعات على مواقع التنافر الإجتماعي، نجد مخلوق لا يرتقي بأي حال من الأحوال لمنزلة البشر، كل هدفه في الحياة التقاط الصور أو تخليد فيديو شاذ ليبثه على موقعه ويحقق معدلات كبيرة من المشاهدة، الغريب أن هذا المخلوق كان باستطاعته أن يمنع جريمة كتحرش ذئب بشري بطفل مثلا أو انقاذ شاب من حادث قطار مروع وهو يمر على القضبان ولم يلاحظ قدوم القطار، وهذا المخلوق يقف يؤرخ للحدث مع أن انقاذ الشاب كان ممكن لقرب المسافة وسرعة النداء عليه أو تنحيه عن عجلات القطار.
حلم تحقيق الترند تفوق على المبادئ والقيم، فماتت القلوب وهى تتنفس، وتيبست العقول وتحجرت العيون فلم تعد ترى سوى كل ما هو غير جميل، وكل من يملك هاتف ومساحة من الشبكة الاتصال صار لديه هوس بكل ما هو غريب، وسرعان ما ينشر بدون تفكير ولا تحليل لعواقب الأمر، هذه المخلوقات الهلامية انتشرت في الأونة الأخيرة بعد أن انتزعت منهم النخوة والشرف وضياع مفهوم الستر، فكيف يقدم على التمثيل بانه نائم لكي يتمكن من تصوير حالة تحرش، ولم يفكر للحظة أنه قادر على منعها وانقاذ طفل من الدمار النفسي على أنه يحقق ترند، على القانون ألا يرحمه ويضعه في نفس القالب مع المجرم، لعدم منعه جريمة شنعاء تحدث امام عينه وكان في استطاعته منعها، فلا بد أن يتخذ في حقه تحرك قانوني للتشهير أولا وعدم اكتراسه بدعم طفل مسكين من افتراس ذئب بشري لعين، فهو مشارك في الجريمة ولا يستثنى منها إذا كنا في دولة قانون.
من عامين فتاة كانت تمر بالصدفة بسيارتها بأحد الطرق السريعة في دولة الإمارات، فوجدت سيارة لنقل المواد البترولية شب فيها النار والسائق محبوس فيها واقتربت على الانفجار، وقفت بسيارتها وانتقلت للاتجاه المعاكس وأخرجت السائق من السيارة وأطفأت النار التي كانت تمكنت منه وهو في حالة غيبوبة وفقدان للوعي، ووضعت عليه عباءتها واستدعت الشرطة والإسعاف وانطلقت بسيارتها بعد أن تأكدت من تحسن حالة السائق، صحيح أن الدولة تمكنت من الوصول إليها من رقم تليفون المتصل بالشرطة لكن لم تقف لتصور الحادث وتنتظر الانفجار لتكون لقطة حصرية تنشرها على صفحتها، قامت بروح الإنسانية ونخوة البشر بما اقتضته عليها الحالة، تاركة من خلفها عمل سيبقى في ميزان أجرها الطيب، كانت إيجابية في احياء روح، بينما هذا المخلوق اكتفى بأن يكون شخص سلبي يشارك في قتل طفل معنويا ونفسيا وكشف ستر ذئب بشري من أجل شراء الهدى بالضلالة.
قطعا التكنولوجيا والتقدم الرقمي من الأشياء الإيجابية، لكن على ما يبدو أننا لسنا مؤهلين لهذا التطور، خاصة وأن نسبة الأمية الفكرية في تزايد والتخلف في نمو، وهوس الترند وتحقيق أعلى نسبة مشاهدة هى الأساس في معاملاتنا اليومية، وللأسف اتنزع رداء الفضيلة وباتت البيوت من زجاج مكشوفة تماما للمارة، لأن الأحداث تنتشر لحظة بلحظة على مواقع التنافر الإجتماعي.
 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot