هل أنت متخصص؟
شاهدت لقاء تلفزيونياً وكان المذيع يسأل ضيفه الطبيب وهو متخصص في طب الأسنان: لماذا تُفتي في تخصصات أخرى مثل الباطنية والغذاء وتصريحات حول أزمة كورونا وكل تلك التخصصات ليست في مجالك فكان رد الطبيب وما الذي يمنع أن أتحدث عن هذه التخصصات إن كانت المعلومة صحيحة فأنا شخص أحب البحث والاطلاع والتحليل والتوسع في التعلم.
كثير من الباحثين عندما يتحدث في ندوة، تجده ملما في المجال الذي تحدث عنه بشكل عميق، وعندما تسأل عن تخصصه الجامعي تجد مجال دراسته مختلفة عما يتحدث عنه، وهذا لا يهضم حق المتخصصين في مجالهم، بل هنالك عمالقة من المتخصصين الذي أبدعوا كلاً في حقله.
الذي أستغرب منه أنك تجد بعض الناس من المتعصبين عندما يتحدث شخص في مجال معين تجده يقول وما الذي أدراه في هذا المجال وهو مهندس أو طبيب أو تاجر. إلخ.
الموهبة هي الأساس، عندما أستمع لشعر بن طناف أو ربيع بن ياقوت أو بن سوقات ولم يتعلموا في مدارس ولا تعليم أكاديمي، تشعر بأن لديهم دكتوراة في الشعر والأدب من قوة اللغة وشاعرية القصيدة، ولم يتخرجوا سوى من مدرسة الحياة، فكان تأثير البيئة المحيطة عليهم هو الأساس.
أفضل ممثل في الوطن العربي عادل إمام وهو خريج زراعة، فالمقياس ليس ماذا درس أو تخصص، وإنما المقياس هل أبدع في الحقل الذي انخرط به؟ إن كانت الإجابة نعم فمن المعيب أن نسأل عن التخصص، وإن كانت الإجابة بأنه لم يٌبدع، هنا ننصحه بأن يٌغير اتجاهه ويرجع إلى تخصصه الأصلي فقد يكون أكثر إبداعاً فيه.
الميدان الثقافي يحمل العدد من المضامير وليس احتكارا على أحد، ولا يحق لأي شخص بأن يكون وصياً على مجال معين بمجرد أنه أبدع فيه أو تخصص في مجاله، العمل الفني والثقافي هو منتج للجمهور، والجمهور لا يسأل عن الخلفية الدراسية والثقافية للمبدع، سوى بأن يرى منتج ثقافي مبدع، هذا المنتج يتذوقه الجمهور إن شعر بطعمه صفق له وإن لم يشعر بطعمه ووجده _ تهم _ بلا طعم لفظه، وعليه فإن صاحب المنتج سينسحب بالتدريج عندما يشعر بأنه انخرط في مجال ليس بلونه، الحكم الأول في الميدان الثقافي هو الجمهور.