حكايات على مائدة العشاء

هل زرت النهر يوما

هل زرت النهر يوما

في واقعة فريدة من نوعها، وقف فنان تشكيلي أمام لوحاته يتحسر على العمر الذي مضى في رسمها، لوحات جادة تحمل في طياتها فكر، لكن يظل في عالم الفن مجرد مغمور لا يرتقي للاحتراف ولم يعرفه أحد، وقبل أن يضرم في اللوحات النار، دخل عليه صديق قديم يعمل في الحقل الصحفي، أشار عليه أن يرتب لمعرض كبير في وسط المدينة، ويرسم لوحة لفتاة عارية، ويضع اللوحة بين اللوحات في المعرض، وتعهد الصحفي للفنان أن يخطط للإعلان عن مولد فنان كبير، اشترط الصحفي عليه أنه يرد على جميع الاسئلة الموجه له من قبل وسائل الإعلام، هل زرت النهر يوما.

وكان الصحفي حريصا على عدم الاسهاب من الفنان في الحديث، لأنه ببساطة لا يملك اللباقة والكياسة كما يملك الريشة والالوان، وأراد أن يقلل من عدد الكلمات التى يدلي بها لوسائل الإعلام لسببين منهما ارباك السائل من جهة وعمق الاجابة من جهة اخرى، وكأنه فنان تشكيلي وفيلسوف يتمتع بعمق في الفكر والرؤيا.
ومع مرور ثلاثة أيام من افتتاح المعرض ولم يزوره أحد، وعند ازدحام الشارع، وقف الصحفي يصرخ متهم الفنان التشكيلي بالفسق والمجون وانه يدعو للعري في لوحاته، تحول المعرض لسوق كبير، واقتحم المكان رجل اعتبر نفسه مدافع عن الدين ورافع راية الفضبلة، ووقف امام لوحة الفتاة العارية واخرج سكين من جيبه ومزق اللوحة لكنها ظلت متماسكة بالبرواز، وتهافتت على الفنان وكالات الانباء والفضائيات، وردوده لم تتغير، هل زرت النهر يوما.

صار الفنان التشكيلي علامة في عالم الفن، ونقل نقلة نوعية بين ليلة وضحاها، وأول لوحة تم بيعها تلك اللوحة الممزقة، تبدل الفنان وصار مهندما، وتصدرت صوره أغلفة المجلات والصحف، وفي أول لقاء له مع الصحفي، بادره الصحفي بنجاح الخطة وسأله عن رأيه في الفكرة، فرد الفنان التشكيلي بكل ثقة على الصحفي، هل زرت النهر يوما.

 ما كان من الصحفي إلا أن غادر المعرض مبتسما، تاركا من خلفه تمثال من عجوة، يقف بين لوحاته وحيدا منتشي ومتألقا، يقلب صفحات المجلات القديمة ويتطلع صوره بين حشود الجمهور، وما أن ينتهي منها فيعود ليشاهدها مرة أخرى، ومع الوقت وانطفاء الأضواء من حوله، قص صوره المنشورة بالأخبار، واستبدلها بلوحاته وكتب عنوانا كبيرا على الجدران فوق البراويز " هل زرت النهر يوما"
 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot