5 قوافل مساعدات إماراتية تصل قطاع غزة ضمن عملية الفارس الشهم 3
آراء الكتاب
مساحة نستعرض فيها الأفكار والإبداع بهدف إثراء الحياة الثقافية يعبر القارىء فيها عن رأيه ولا يمثل وجهة نظر الصحيفة نتلقى مشاركتكم عبر الايميل
abdalmaqsud@hotmail.com
أدب الرحلات
انتشر أدب الرحلات قديماً وكان له دور فعال في تخطي المكان، ولعل من أفضل ما كتب في هذا المجال الكاتب المصري أنيس منصور في كتابة ٢٠٠ يوم حول العالم، واعتب هذا الكتاب واحداً من الكتب التى أثرت المكتبة العربية في هذا المجال، لأنه تمكن من سرد القصص وذكر الأماكن المختلفة، وراعى في الكتاب سلوك الشعوب ووصفهم، والقاء الضوء على المطبخ من ناحية الطعام المميز وأنواعه وكيفية الطهي، واهتم بأدق التفاصيل التي تجعل القارئ ملماً بالدولة التى يحكي عنها وتمنح الجمل الخيال الواسع ليعيش نفس التجربة لأنه بالوصف استطاع القدرة على صناعة المشهد وجعل منه حياة.
الشيء الملاحظ أن الكثير يسافر كل عام إلى دول مختلفة وعلى مدار عمره يسافر عشرات المدن والدول ولم يستطع نقل ما شاهده في كتاب أو حتى كتيب ينتسب لأدب الرحلات، لأنه ببساطة يفتقد روح الكتابة وموهبة السرد، ويكتفي بالتصوير والاستمتاع متناسياً فكرة الكتاب وتدوين الرحلة وتخليدها في مجلد، ربما للاستفادة الإيجابية أو السلبية، يفتقد وصف المعاملة في المطار وسهولة المواصلات وأفضل أماكن السياحة وزي البلد الفلكلوري ومطبخهم وأشهى وجباتهم وكيفية المعاملة في الفنادق، ودور العبادة والمعاملات الإنسانية وأسلوب الحياة والتراث والأغاني وألعابهم الشعبية، كل هذه النواحي إذا ركز عليها المسافر جعلت منه كاتبا مرموقاً. وهذه الفكرة تجعلنا نقف عند الموهبة والاحتراف، وأنها صعبة جدا وليس كل من امتلك قلماً من ذهب قادرا على السرد والإبداع، فالكتابة صعبة جدا ومرهقة ولا يعرف صعوبتها إلا صناعها، فتسمع السخف من البعض وتشير عليه بكتابة نص فيقف صامتاً لا يستطيع، الأمر صعب للغاية ومحتاج إلى سنوات من القراءة والإدراك والوعي.
حمادة الجنايني
مفهوم الفتنة
مع أن الفتنة من الخصال التي نهت عنها التشريعات، وغلظت في الدين بل وفردت لها آيات تحذر من ممارستها لما لها من أضرار قد تصيب المجتمعات وتنهار بسببها علاقات كانت متينة وقوية، إلا أن هناك من يمارسها باقتدار ويتمادى في رفع رايتها بين أفراد المجتمع، وقد حذرت الشرائع من انتشارها لوجود أسباب سلبية في العمل بها ونقلها في المجتمع، ولعل العلاج منها جاء في قصة الهدهد مع سيدنا سليمان عليه السلام، فمع ثقته في الهدهد إلا أنه أراد أن يعلمنا التأني والهدوء وضبط النفس عندما نسمع ما لا يسعدنا على لسان شخص ما، فنتأكد من الحوار والحديث قبل أن نندم على اتخاذ قرار يصب في مصلحة من روج للفتنة ونشرها.
والفتنة السائدة غالبا ما تكون في بيئة العمل، والأمثلة متعددة خاصة عندما تكون الفتنة بين المدير وبين موظف صغير لا يقدر على التأكد مما وصله من خبر، و صفات من يحمل الفتنة من حيث الشكل، فهو أقرب للحرباء في مظهره، يرسم الابتسامة العريضة الباهتة والانحناء بالتمثيل على أنه يقدرك ويحترمك، وأسئلته مبهمة للوصول لمعلومة أو خيط رفيع يبني عليه قصته وفتنته، وهدف الفتان من الفتنة التفرقة وعدم وجود استقرار وأسبابها أحيانا لكره شخص، والكره ليس بسبب سوء الشخصية بقدر الخوف من نجاحه وحسن سلوكه وقدرته على صناعة الفارق مما سيقلل من شأنه في المكان.
كما أن الأمثلة كثيرة ومتعددة منها على سبيل المثال وليس الحصر، نقل خبر غير حقيقي للمدير عن شخص ما وأنه يضره ويملأ ذهنه بمدى كرهه وتجنيه وأنه يطمع في تخليه عن منصبه، ويذهب للشخص الذي بلغ عنه ويعطيه أفكاراً سيئة تجاه المدير مما يجل خيطا رفيعا بين القصتين مبنيا على حدث، ويغذي سوء الفهم بينهما ويشعل فتيل الفتنة ببعض الكلمات التحفيزية التي تشعل لهيب القلب ويضغط على الكرامة والطعن فيها، لإثارة العاطفة البشرية وشحن الفكر والمشاعر بكلمات أقرب لوسوسة الشيطان، مما يتسبب في غليان داخلي ينفجر عند أول لقاء بين الضحية وبين مسؤوله، وتنتهي العلاقة وكل منهما لا يعرف السبب فلو أنهما ضبطا النفس واستوعبا فكرة الفتنة لحل الأمر وتم تجاوز هذا الجسر الملتهب بكل سلاسة ويسر.
لا ننكر أن النمام والفتان يتمتعان بقسط من الذكاء السلبي المبني على الخبث، بل يرتقي إلى مفهوم تغيير الجلد كما تفعل الحرباء مع الطبيعة وقدرتها على التلون، وإذا ما حاولنا تحليل هذه الشخصية سنكتشف أنها من الشخصيات المتدنية جدا بين المجتمع، شخصية غير مرغوب فيها ومكروه على طول الخط، باهت ليس له طلة أو يمتلك كاريزما، يتصف بالطمع والأنانية ونسب الفضل لنفسه لأعمال لم يفعلها لتحسين صورته، قادر على التلون ولا يغضب لإهانته، فكرة الكرامة والحفاظ عليها ليست من أولوياته، يعتمد على بعض الأذرع التي هي على شاكلته وكأنهم جنود له يلعب بهم وقت الحاجة لتنفيذ مبتغاه، لا يقدر على النظر في عيون الناس عند الكلام معهم، يحاول نشر كلمات معسولة وعند الضغط يحاول إلقاء اللوم على الآخر، ومن أبرز صفاته في العمل أنه غير مؤثر لعدم إجادته العمل لأنه وصل لمكانته بالمداهنة وخوفه من ترك العمل لتقديره لنفسه بأنه لا يساوي في سوق العمل الخارجي أكثر من عشر ما يتقاضاه في هذا المكان، لأن ثقته في نفسه خاصة في عمله مهزوزة جدا ويشعر طول الوقت بالقلق من أي شخص ناجح بالاقتراب من فريسته ( المدير) ومعرفة حقيقته السيئة.
محمد أسامة - كاتب
الصوت في الفيلم
يحرص القائمون على صناعة الأفلام أن يكون الصوت متميزاً، لأن الصوت إذا كان ضعيفاً قطعاً سيفسد إنتاج الفيلم، مما يخرجه عن المثالية بالكامل حيث أن أهمية الصوت هو إضفاء الأصالة والعاطفة على أي فيلم، كما أن اختيار الصوت الصحيح بالمعايير الدقيقة يجعل العمل مكتملا ومتميزاً.
ويتكون تصميم الصوت لمعظم إنتاجات الأفلام من ثلاثة أنواع، ( الأصوات البشرية - الموسيقى ـ المؤثرات الصوتية )، كل هذه الأنواع مهمة للغاية لكي يشعر الجمهور بالواقعية في مشاهد الفيلم، حيث يجب أن تتزامن الأصوات والحوار تماماً مع الأحداث والسرد بمنتهى الدقة وبدون تأخير، ويجب مراعاة الصوت اثناء التطابق مع الحدث على الشاشة، خاصة أن المشهد بشقيه الصورة والصوت يكونا أكثر واقعية للتصديق، بخلاف متابعة فيلم مدبلج بشكل سيئ لا يتوافق الصوت مع السرد، لذلك يفضل معظم الأشخاص مشاهدة الأفلام الأجنبية مع الترجمة الحرفية على الشاشة، بدلاً من سماع صوت الترجمة عندما يكون مختلف عن الصوت الأصلي، لأن الجمهور يحتاج إلى المساعدة للحفاظ على الاهتمام إذا كانت توقيتات الصوت غير دقيقة.
ليست الأصوات البشرية فقط هي من تحتاج إلى أن تكون دقيقة ومتطابقة، فالمؤثرات الصوتية أيضا تحتاج إلى عناية أثناء الاختيار، لأن عدم تطابقها مع الموقف أو السر سيؤثر على جودة الفيلم وتصنيفه، وأكيد ستقلل بشكل كبير من جودة الفيلم الإجمالية ومصداقيته، لذلك على صناع الفيلم أن يراعوا استخدام مقاطع صوتية أصلية من جهة والاعتماد على مكتبات الصوت للمؤثرات الصوتية من جهة اخرى، ويعتبر هذا التجانس أفضل طريقة لضمان الأصالة وتحقيق أفضل النتائج، فإضافة المؤثرات الصوتية المتزامنة تعد طريقة أخرى لإضفاء المزيد من المصداقية على المشهد، وغالبا ما تأخذ هذه المؤثرات أصوات خلفية مضافة على الرغم من أن مثل هذه الأصوات لا ترتبط بشكل مباشر بالحدث الذي يحدث في المشهد، ومع ذلك يمكن أن تضفي الحياة على الفيلم وتساعد في خلق شعور بالأصالة، يمكن أن يساعد تضمين الأصوات النموذجية لموقع الفيلم، مثل حركة المرور والأشخاص في مشهد المدينة المزدحم، أو أصوات الطيور والرياح في منطقة ريفية، مما جعل إعداد الفيلم أكثر واقعية.
الموسيقى تعتبر من الجوانب التي يتم تجاهلها في تصميم الصوت، خاصة بين صناع الأفلام الهواة، وننصح هؤلاء الهواة بصقل معرفتهم بمشاهدة الأفلام الشهيرة، ليروا بوضوح مدى أهمية الموسيقى التصويرية للفيلم، وفي الحقيقة أن الموسيقى التصويرية للفيلم هي أحد أهم العوامل التي تساهم في نجاح أي فيلم، كما أن الموسيقى تساعد في خلق المشاعر المناسبة للمشهد، مما يسمح للجمهور بالتواصل مع الشخصيات دون حوار، بالإضافة لتحديد النغمة الصحيحة للحدث القادم في سياق السرد والتأثير بشكل كبير على كيفية رؤية الجمهور واستجابته لما يرونه.
معاذ الطيب - مخرج
الثقة المفرطة
لما تم إلقاء القبض على أحد اللصوص ووقف أمام القاضي، وحاول يقسم بأنه أول مرة يسرق، نهره القاضي وقال: إن اللص لا يتم القبض عليه من أول مرة، وأعتقد أن نظرة القاضي أن الثقة التي تفرضها بين الناس هي من تعطي الفرصة للخدعة والخيانة، فإذا كان في ضيف قدم له الغداء وبعد انتهاء المأدبة اكتشف صاحب البيت أن ملعقة نقصت، فهل يشك في الضيف أكيد لا، لكنه في المرة المقبلة سوف يراقبه طوال الوقت وسيكتشف أنه من سرق في المرة الأولى، فاللص مر بسرقته الأولى بستار الثقة، وكما أنه الثقة تعني الأمان المطلق في الشخص المستأمن على الأشياء، فتترك له كل شيء في العنان بحجة القرابة أو الصداقة أو افتراض الأدب والأخلاق، فلا تأتي الضربة إلا ممن نأمن لهم ونثق بهم.
يذكر أحد الأشخاص أنه وثق في صديقه ثقة عمياء، لدرجة أنه استمع إلى نصيحته عندما كان يحتاج للمال، بأن يبيع سيارته ويسدد دينه وبالباقي يشتري سيارة شخص يعرفه بثمن قليل واقتنع المتحدث بفكرة صديقه وعشرة عمرة بالفكرة، ولأنه غير أمين وليس مصدراً للثقة فاوض معرض للسيارات على البيع لتقييم السعر، لكن المفاجأة أنه ذهب لتجار لشرائها في حين أن واجبه يذهب ليقارن السيارة بسعر الشراء، وخدع الصديق لثقته المفرطة في صديقه، ليكتشف أن السيارة باعها بضعف ثمنها بعد فترة، الأمثلة كثيرة وإذا فتحنا باب الإدلاء بالقصص في هذا المجال سنجد قصصاً تشيب لها الولدان من هولها وصعوبة حدوثها.
القصص كثيرة ومتعددة ولدغ الجهلاء من أقرب المقربين لهم بحجة الثقة والأمان، والأمثال الشعبية ذكرت نصائح تدل على الحرص في المعاملة وأن (المال السائب يعلم السرقة) وغيرها من الأقوال المأثورة الدالة على عدم الثقة المفرطة، حتى في تربية الأبناء لابد أن يكون هناك مراقبة حثيثة لتجنب الأخطاء ولعدم الانفلات الأخلاقي، وكما قيل (اغلق على بناتك واعطهن المفتاح) بمعنى امنحهم الحرية ومارس الرقابة والتقويم في نفس الوقت حتى تتأكد من تربيتهم السليمة.
أحمد سويد
الشورى
الدول التي تسعى لتحقيق العدالة وتطبيق القانون من خلال سن التشريعات وتحكيم الدستور، هي الدول التي تحظى باحترام شعوبها أولاً وشعوب العالم ثانياً، ولنا في هذا مثال حي نعيشه في دولة الإمارات التي حققت نسبة الرضا والعدالة في المجتمع إلى أعلى المعدلات، بفضل حكمة القيادة الرشيدة بتطبيق القانون على الجميع وبدون استثناء، مما جعلها قبلة تتطلع شعوب العالم للعيش والحياة على أرضها، فما هو معنى الوطن إلا أرض يشعر بها الجميع بالأمان وتحقيق السلام الشامل بين أفراد المجتمع.
العدالة الاجتماعية والحرية هما المطلبان الأبرز لجميع الشعوب، ونجدهما قد تحققا في الإمارات بشكل كبير، حيث أن الفرص متاحة أمام الجميع في شتى المجالات، وتمنح الدولة الإمكانيات وتوفر المناخ الملائم للتميز والابتكار من خلال تذليل الصعاب ووضح الحلول السريعة قبل البدء في اتخاذ القرار، خاصة وأن الكوادر البشرية من المواطنين والمقيمين لديهم الفرصة الذهبية لتقديم مقترحات وأفكار حتى ولو كانت مستحيلة لتحقيقها، ونجد القيادة الرشيدة تحث الشعب على تطوير الذات وصقل المواهب والقدرات في داخل الدولة أو خارجها، على اعتبار أن الكوادر الوطنية هي السند والقوة الضاربة لتحقيق الاستقرار والأمن، بالإضافة الدعم المعنوي والمادي لتحقيق الهدف من الخطة الاستراتيجية ورؤية الدولة.
وكفلت الإمارات المساحة الكافية للجميع من حرية الرأي التعبير، بمفهوم الديمقراطية الحقيقي الذي يفهم على أنه الوقوف عند حرية الآخر، لأن الديمقراطية في العموم تعني الفوضى وعدم الشعور بخصوصية الآخر، فالقانون وتطبيقه خير منظم لهذه القواعد والأسس السليمة، ومع منح الحرية هناك أحكام وقوانين رادعة لكل من تسول له نفسه بالعبث بمقدرات الشعب والتعدي على الخصوصية أما باللفظ أو بالرأي، خاصة مع انتشار العبث في مواقع التواصل الاجتماعي واستخدامها أسوأ استخدام في نشر الضغينة والحسد والخصال غير الحسنة
أما النموذج الإماراتي في الحفاظ على النسيج المجتمعي من خلال تطبيق القانون واستحداث التشريعات المناسبة للحفاظ على جسد الوطن، كما أننا نرى التجارب النوعية في موضوع الشورى واستقبال الآراء من الجميع بناء على طلب من القيادة لدعم الأفكار المتقدمة التى تصب في صالح التنمية المستدامة والحياة العامة، كما استحدثت وزارات معنية بسعادة المواطنين والمقيمين ووزارة معنية بالمرأة والأسرة لتقديم الحلول والحفاظ على هذا الكيان العظيم من الانهيار، فتنمية المجتمع تبدأ من الأسرة والاهتمام بها يجعل جميع أفرادها اسوياء، فالشورى التي تنتقل من أروقة المجالس والغرف للمجتمع يدلي برأيه تأتي بثمارها، كما كان يحدث في بناء الدولة الإسلامية والاهتمام بالآراء والأخذ بها وتحليلها، ولنا في هذا الشأن أمثلة متعددة في مواقف شتى، وتم اتخاذ رأيهم على محمل الجد وكانت هذه الآراء محور تغيير في بناء الدولة، فالنموذج الإماراتي مستمد من هذه الأفكار المبنية على (أمركم شورى بينكم).
د. رضا بدير الجوهري
الفلسفة والعقل البشري
ما هي الفلسفة وما أهميتها؟ سؤال يدور في أذهان الكثيرين ولم يفلح بعض المثقفين عندنا في وضع الإجابة المناسبة عليه للرجل العادي حتى الآن، مع أن الإجابة بسيطة ويمكن فهمها بسهولة، حيث يمارس هذا الرجل العادي التفلسف كثيراً دون أن يدري أو يشعر، ألا تراه يفكر في حقائق الأمور؟ ألا يحاول دائماً تكوين وجهة نظر تخصه في كل ما يراه ويسمعه؟ إنه إذن يمارس التفلسف وإن لم يصل إلى النسق الفكري المتكامل الذي يجعل منه فيلسوفاً على غرار ديكارت وبيكون وغيرهما من الفلاسفة.
وفي العصر القديم عرَّفَ أفلاطون الفلسفة بأنها: السعي الدائم لتحصيل المعرفة الكُلِّيّة الشاملة التي تستخدم العقل وسيلة لها، وتجعل الوصول إلى الحقيقة أسمى غاياتها" وقوله "المعرفة الكلية الشاملة" يعني به أن الفلسفة هي علم المبادئ العامة المجردة التي لا تنتمي إلى تخصص علمي معين فهي حكمة شاملة لا تدخل في مجالٍ ما ولا تنطبق على حالات خاصة دون غيرها، بل هي أفكار شاملة وتجريدية يستحدثها فلاسفة لتعبر عن رؤيتهم، ولكل فيلسوف رؤيته، حيث تكمن قيمة الفلسفة في رفضها للتبعية والتقليد فهي استخدام للعقل بحرية.
وفي العصر الوسيط عرف الفيلسوف المسلم أبو نصر الفارابي الفلسفة بأنها: "الصناعة التي تؤدي إلى إصابة الحكمة لمن يتمتعون بجودة التمييز الناتجة عن جودة الذهن" كما عرفها الكِندي بأنها: "علم الأشياء بحقائقها بقدر طاقة الإنسان، لأن غرض الفيلسوف في علمه إصابة الحق وفي عمله العمل بالحق".
أما في العصر الحديث فقد عَرَّفها ديكارت بقوله: " إن كلمة الفلسفة تعني دراسة الحكمة، ولسنا نقصد بالحكمة مجرد الفطنة في الأعمال، بل معرفة كاملة بكل ما في وسع الإنسان معرفته، بالإضافة إلى تدبير حياته وصيانة صحته واستكشاف الفنون، ولكي تكون هذه المعرفة كما وصفنا فمن الضروري أن تكون مُسْتَنْبَطَة من العِلَل الأولى".
ويمكن القول باختصار إن الفلسفة هي محبة الحكمة، وهذه المحبة تقتضي السعي المستمر لمعرفة الحقائق والآراء السديدة والوصول إلى الخير من أجل العمل به، ولقد كانت الفلسفة قديماً تبتغي وضع تفسير للكون وبيان أصل الوجود ومعناه، أما في العصر الحديث فقد اتجهت إلى تغيير حياة الإنسان للأفضل والعمل على تطوير المجتمع وإصلاحه وابتكار آفاق جديدة من أجل التقدم والرفاهية ومثال ذلك "الفلسفة البراجماتية" التي ساهمت في تقدم الولايات المتحدة الأمريكية وتطوير القطاع التعليمي فيها، كما أن الفلسفة وثيقة الصلة بالأدب الحديث ولها تأثير كبير في هذا الفن الذي عهدناه ثرياً جذاباً عميقاً ومؤثراً.
والفلسفة ليست علماً بالمعنى الدقيق للكلمة لأنها لا تلتزم بمجال علمي محدد، وإنما هي نظرة عقلية شاملة للحياة، ومع كونها ليست علماً بالمعنى الدقيق للكلمة إلا أنها علم بالمعنى العام لأنها تعطينا معرفة ومناهج للبحث وتساهم في تقدم الأمم، كما تاريخها بحد ذاته مادة علمية لا غنى عنها لكل مفكر حقيقي، فلابد من معرفة مذاهب الفلاسفة حتى يمكن للمفكر وضع رؤيته الخاصة من خلال تفكيره الحر. ولأن الفلسفة علم بالمعنى العام ولابد لكل علم من منهج، فإن منهج الفلسفة هو العقل، ومن ثم لا يمكن اعتبار أي شخص يؤمن بالخرافات فيلسوفاً أو باحثاً في الفلسفة أو حتى مؤمناً بأهميتها، ولذلك تقول الدكتورة "أميرة حلمي مطر" في مقدمة كتابها عن الفلسفة اليونانية: "والفلسفة بالمعنى الدقيق للكلمة علم عرفته حضارة اليونان القديمة وحدَّدَتْهُ بأنه تفسير عقلاني لظواهر الكون والحياة الإنسانية، ولا يعتمد هذا التفسير إلا على الفروض العقلية التي تقبل النقد والحوار، وهو – أي هذا العلم- ظاهرة فكرية جديدة على الفكر الأسطوري القديم، وهو الأساس لكل فلسفة حديثة"
حاتم السروي
التربية الحديثة
سيظل التعليم هو الشغل الشاغل لجميع دول العالم، ومحط اهتمام المنظمات الدولية بوضع المعايير والتقييم لهذا القطاع المهم، وسبب هذا الاهتمام الكبير هو خلق نشء واع متعلم متسلح بسلاح العلم والمعرفة، خاصة مع المتغيرات السريعة التي يشهدها التطور التكنولوجي، فكل دولة تحرص على بناء أجيال واعية لديها القدرة على المشاركة في تقديم الحلول والعلوم الحديثة من خلال التدريب المستمر ونقل الخبرات من الخارج للاستفادة منها.
في الحقيقة أن التعليم منذ جائحة كورونا وابتعاد طلاب المرحلة التأسيسية من التعليم الأساسي عن الحضور للمدارس وهم فقدوا الكثير من التربية النفسية وطرق التعامل مع المعلم داخل الفصول والتعامل داخل إطار منظومة زمنية مرتبطة بدروس ومنهج تعليمي يقوم المعلم بدراسته داخل إطار معلوم، فالمدرسة ليست للتحصيل العلمي فقط وانما تعتبر مكان لتربية السلوك وفن التعامل وتقديم خبرات غير مكتوبة بقدر الممارسة والاحتكاك المباشر بالزملاء والمعلمين والإداريين مما يجعل التلاميذ في تعلم دائم واكتساب فن الحياة وإدارة الوقت
لكن في وقت كورونا توقف الزمن وأصبح التعليم عبر الاون لاين، مما أفقد التلاميذ روح الالتزام بالدوام والذهاب إلى المدرسة وتحمل مسؤولية حقيبة يده والاستيقاظ مبكرا واحترام السائق والمعلم والكبير، واللعب في الفناء مع الزملاء وممارسة الأنشطة تحت مظلة المشرفين والمدرسة، له الأثر الإيجابي في التربية مع التعليم لكن فقدنا شق التربية وقت كورونا لذلك على القائمين على هذا القطاع محاولة الرقي بالتربية والاهتمام بها بقدر الاهتمام بالتعليم.
الشيماء محمد – كاتبة – خبير صحافة وإعلام