«البيئة… التزام ومسؤولية»

المياه الافتراضية

المياه الافتراضية

ربما يكون من المستبعد أن يصدق أحد أن رغيف الخبز المستدير الذي لا يزيد وزنه على 130 غراماً، وقطره ‏على 20 سنتيمتراً يستهلك كمية ضخمة من المياه تقدر بنحو 114 ليتراً، كما أن البعض قد يستغرب أن ‏الورقة الواحدة التي تستخدم كأداة مكتبية يكلف إنتاجها 10 ليترات من المياه، بمفهوم المياه الافتراضية ‏الذي يعد ركيزة أساسية لإعداد دراسات الجدوى للسلع والمنتجات بشكل عام. ويتعلق مفهوم المياه ‏الافتراضية بتحديد كمية المياه اللازمة لإنتاج سلعة معينة منذ بدء الإنتاج لغاية وصولها إلى المستهلك.‏
ووفقاً للمجلس العالمي للمياه، فإن المياه الافتراضية هي كمية المياه التي تعد جزءاً لا يتجزأ في الطعام أو ‏المنتجات الأخرى التي يحتاج إليها لإنتاجها، فهي تؤكل ولا تشرب، بمعنى أن جميع السلع زراعية كانت أو ‏استهلاكية أو خدمية، فإن هناك كمية من المياه التي ترافق عملية إنتاجها، وهذه الكمية لا يراها أحد.‏
تخيل معي إن كمية المياه التي يتطلبها إنتاج كيس «الشيبس» الذي يباع في السوبر ماركت، بوزن 50 غراماً، ‏تصل إلى 185 ليتراً من المياه. كما يتطلب إنتاج شطيرة هامبرغر واحدة ما يقدر بنحو 2400 ليتر من المياه، ‏وإنتاج كيلوغرام واحد من اللحم البقري يتطلب ما مقداره 15,000 لترا من الماء.‏
ووفقاً لهذا المفهوم، فإن حجم التجارة العالمية من المياه الافتراضية يقدر بحوالي 2,320 مليار متر مكعب ‏سنويًا، هذا الرقم يعكس كمية المياه التي يتم نقلها بين الدول بشكل غير مباشر من خلال التجارة في السلع ‏والمنتجات، وخاصة المنتجات الزراعية والغذائية. في هذا السياق تُعد أستراليا القارة الأكثر جفافاً على وجه ‏الأرض، ومن أكبر المصدرين في العالم للمياه الافتراضية. المفارقة أن النصف الشمالي من الكرة الأرضية ‏والأغنى بالثروة المائية تعد دوله من الدول المستوردة للمياه.‏
وفقاً لجون أنطوني آلان، البروفيسور بجامعة لندن، صاحب نظرية المياه الافتراضية، فإن «وراء كل قدح من ‏القهوة يتناوله المرء في الصباح 140 ليتراً من المياه استهلكت في إنماء وإنتاج وتعبئة وشحن حبوب البن، ‏ويعادل هذا تقريباً المياه التي يستخدمها الفرد في إنجلترا في المتوسط للشرب وفي كل حاجاته المنزلية».‏
من هنا تأتي أهمية ترشيد استهلاك المياه سواء بشكل مباشر أو المياه الافتراضية الموجود في كافة المنتجات ‏والخدمات.‏

info@abudhabienv.ae