رئيس الدولة يتلقى اتصالين هاتفيين من ملك الأردن ورئيس وزراء باكستان
حكايات على مائدة العشاء
الخرس الزوجي
لكن غالبا ما يحدث فتور لمشاعر الزوجين مع الوقت وتبتعد بينهما المسافة الإنسانية مع وجودهما كأجساد قريبة جدا تصل في بعض الأحيان للالتحام، لكن مع مرور الوقت يكتشف كل منهما مفردات غير مفهومة عند الآخر وإيماءات جديدة تحتاج لترجمة، فبعد أن كانا كطير لا يستطيع الطيران بدون جناحين صارا زورقا بلا مجداف، وفجأة يجد الخرس الزوجي بين قلبيهما مأوى فتغيب أرواحهما بعيدا وتترك الأجساد بلا معنى.
أرجح أن يكون السبب الرئيس في هذا الخرس الزوجي هو الفروق الفردية وتطور أحدهما وتوقف الآخر عن تنمية قدراته وانحصار إدراكه لدور شريك حياته، بل إن هناك حصارا دائما قبل الخرس يتلخص في التعنيف النفسي لمن يحاول التعبير عن الأحداث المحيطة به على الصعيد المحلي والإقليمي وربما العالمي، بما في ذلك الافصاح عن رأيه في سياسات الدولة ووضع تصور عام لما يدور على الساحة فيقابله شريك حياته بإيماءة مفادها "حل مشاكل أسرتك أولا ثم عدل على الدول وادلو بدلوك في هموم الأسرة وحل مشاكلها قبل أن تنظر على الدول".
هذا التحول لم يأت من فراغ وإنما جاء من سحب الثقة والتقليل من الشأن الإنساني في أبسط الأمور وهو الفضفضة السلمية مع من يحب، فلما تقابله الكلمات بتسويف رأيه من داخل بيته وممن فرضت عليه الظروف أن يستكمل حياته في هذا الاطار، فيتجه للخرس وعدم إبداء أي رأي أو فتح موضوعات حتى لا يتهم بالتقصير أو أن الموضوعات لا تخصه.
وليس بالضرورة أن تكون الزوجة هي من توقفت عن التطور، فنرى هذه الفترة الفروق الثقافية بين الزوجين لظروف اقتصادية، فلم تجد الزوجة أحيانا حوارا مشتركاً مع زوجها ولو حاولت اختلاق موضوع سيكون أكبر من قدرات الزوج والعكس، ما يجعل الانسحاب من النقاش هو السبيل والاكتفاء بالحوار الافتراضي على مواقع الانفصال الاجتماعي ويخيم على الجلسات الأسرية شعور بالخرس الزوجي بخلاف ما كنا نعيشه مع العائلة من حوارات لا تنقطع.