الخيال في قلب الطفل _ واقع _

الخيال في قلب الطفل _ واقع _

أجمل ما في الطفولة أنها لا تٌميز ما بين الخيال وبين الواقع، فكنا أطفالاً صغاراً نتابع رسوماً متحركة للكابتن ماجد، كان سقف الطموحات أن نكون كلاعبين لكرة القدم في الفرجان أفضل من الكابتن ماجد، كنا نطير في الهواء لنسدد الكرة ونسقط أرضاً، نتألم ولكن الكابتن ماجد لا يتألم فننهض ونتحمل الضربة تلو الأخرى، تسديدة على الوجه فلعة على الرأس تسحت الركبة قطرات الدم تتساقط في الملعب فنرجع المنزل فرحين مبتسمين مستمتعين لا نرى التعب ولا الألم، فهل من خيال يتم تصديقه مثلما كٌنا نُصدق ونحن أطفال.
أتذكر كنا نتابع رسوما كرتونية وفي الحلقة الأخيرة مات البطل المغوار الذي يٌنقذ العالم من الأشرار وبشكل غير إرادي تساقطت دموعي فوجدت الجميع ينظر إليَ ويضحك، كيف تبكي على رسوم متحركة، هذا كله كذب وخيال، ولكن الخيال في قلب الطفل _ واقع _.
لهذا نجد أطفالنا في سن معينة يلبسون ملابس باتمان وسوبرمان وسبايدر مان وسوبر ماريو ليتقمصوا الخيال، فيضرب الولد أخته أو يقفز من مكان مرتفع على أساس أنه سيطير إلى أن يسقط على الأرض فيتألم، فيقتنع أنه لا هو سوبرمان ولا سبايدر مان ولا هو البطل الخارق، الأخ طلع فشنك، فيقوم اليوم الثاني ويستهدي بالله ويلبس كندورة وحمدانية.
مرحلة اختلاط الخيال بالواقع هي من أجمل مراحل العمر، إذا أتاك ابنك وقال لك: ما رأيك يا أبي أن نُسافر إلى أي الغابة ونجلس بجوار الأسد، لا تٌخيفه، وقل له والنمر سيصب لنا القهوة، والفيل سيُحضر لنا الطعام لأني سمين، عيشوا مع أطفالكم خيالهم وبراءاتهم فغداً سيكبر وسيعرف الحقائق والواقع وعندها سيقول: ليت خيالي لم يغادرني. 
هي مرحلة عمرها قصيرة ولكن أثرها كبير، استمتعوا بها مع أبنائكم، حفزوا خيالهم، راقبوا تصرفاتهم، فقد يتحقق الخيال إذا كان قريباً من الواقع ولم يشطح بخياله أكثر من اللازم سيضحك عندما يكبر ويقول: كيف راودني عقلي أن أقفز فوق البالوعة، وأتناول الفطر حتى أكبر بسرعة مثل سوبر ماريو أو آكل السبانخ حتى تطلع لي عضلات مثل باباي رجل البحار، غداً سيكبر، سيبتسم يعيون مملوءة بالدموع، ستضيق مساحة الخيال وتتسع مساحة الواقع ، دمتم بخير .