من الممكن أن تحدث عثرة وجودية بالفعل

بوليتيكو: رهانات الجمهوريين على عمر بايدن خاسرة

بوليتيكو: رهانات الجمهوريين على عمر بايدن خاسرة


غالط الخبير الاستراتيجي الجمهوري أليكس كونانت الجمهوريين الذين يركزون على عمر الرئيس جو بايدن من أجل كسب الانتخابات.
وكتب في مجلة «بوليتيكو» كيف سارع المشرعون الجمهوريون في مجلس النواب إلى عقد جلسة استماع مع المستشار الخاص روبرت هور، حيث من المؤكد أنهم سيسلطون الضوء على تقريره الذي يصف الرئيس بايدن بأنه «رجل مسن ذو ذاكرة ضعيفة».
لكن الجمهوريين يرتكبون خطأ كبيراً إذا تصوروا أن الناخبين لن يعيدوا انتخاب سياسي متقدم في السن.
وأضاف الكاتب أنه بصفته خبيراً استراتيجياً حاول بشدة مناصرة قضية التغيير الجيلي ضد مرشح رئاسي منافس، يمكنه أن يقول إن الأمر لا ينجح فعلاً. وأوضح أنه تعلم بالطريقة الصعبة كيف أن هناك القليل جداً من الأدلة التي تشير إلى أن الناخبين يهتمون حقاً بأعمار القادة السياسيين.

محبط بوضوحه
السجل واضح، وإن كان محبطاً: من الصعب على المرء أن يحدد رئيساً أو حاكماً أو عضواً واحداً في مجلس الشيوخ خسر إعادة انتخابه لأن الناخبين اعتقدوا أنه متقدم جداً في السن، وذلك بالرغم من قيام العديد من المنافسين الشباب بالتطرق إلى قضية العمر. 
وفي انتخابات التجديد النصفي الأخيرة، لم يهتم الناخبون في كلا الحزبين بالقدرة الذهنية إلا قليلاً: فقد أعيد انتخاب سيناتور جمهوري يبلغ من العمر 89 عاماً في ولاية أيوا، في حين تم انتخاب مرشح ديمقراطي لمجلس الشيوخ تحيط به مخاوف جدية تتعلق بصحته الإدراكية في ولاية بنسلفانيا.
وفي الوقت نفسه، سجل كل من الرئيسين الأمريكيين الحالي والسابق أرقاماً قياسية من حيث العمر بعد فوزهما على المعارضين الأصغر سناً في الانتخابات التمهيدية والعامة.
والحقيقة هي أن الذين تجاوزوا الثمانين والتسعين من العمر معرضون للوفاة وهم في مناصبهم أكثر بكثير من احتمال تعرضهم لخسارة إعادة انتخابهم.
 لماذا؟
لأن السمات الشخصية للرجل السياسي، بما فيها العمر والصدق والإخلاص، لا تصبح قضايا بارزة في الحملة إلا عندما ترتبط بأمور العالم الحقيقي التي تؤثر بشكل مباشر على الناخبين.
وفي معظم الحالات، إذا كان القادة المنتخبون يروجون لسياسات تحظى بشعبية بين ناخبيهم، فسيكون الناخبون على استعداد لتجاوز أوجه القصور الشخصية ومنحهم فترة ولاية أخرى.
وانتقادات الجمهوريين لعمر بايدن ليست جديدة: كثيراً ما يواجه المرشحون المسنون انتقادات لأعمارهم، والتي غالباً ما تتم صياغتها على أنها مجال أوسع لتغيير جيلي.
سنة 1996، استحضر الرئيس بيل كلينتون الذي فاز بالرغم من عيوبه الشخصية سن بوب دول عندما وعد ببناء «جسر إلى القرن الحادي والعشرين».
لكن حملة كلينتون أطّرت خطاب الأجيال كجزء من أجندة تروج لسجله الاقتصادي الناجح، في حين صورت دول أيضاً على أنه متطرف جداً، وهذه رسالة من المرجح أن يكررها بايدن هذه السنة ضد دونالد ترامب.

ما حصل سنة 2016
في أغلب الأحيان، لا تلقى النداءات المباشرة لتغيير الأجيال آذاناً مصغية، كما اكتشف كونانت شخصياً أثناء عمله في حملة المرشح الجمهوري ماركو روبيو سنة 2016، من خلال احتضان حداثة روبيو وجاذبيته، زعمت الحملة أن السياسيين «لذاين عفا عليهم الزمن» غير قادرين على معالجة المشاكل الحديثة. 
لكن الناخبين لم يوافقوا على ذلك: أصبح مظهر روبيو الشاب واحداً من أكبر أعبائه التي استغلها ترامب بنجاح من خلال وصفه بأنه «ماركو الصغير».
بالمثل، تكتشف نيكي هايلي التي دعمت روبيو حينها مدى صعوبة الترشح ضد ترامب المتقدم في السن، حتى بعدما تحدث عنها بصفتها نانسي بيلوسي في الحملة الانتخابية.

ما يفهمه ترامب غريزياً
وبينما تبتهج وسائل الإعلام المحافظة بتتبع لحظات التشتت الذهني لبايدن، يبدو أن ترامب البالغ من العمر 77 عاماً يفهم غريزياً أن هذا ليس أفضل خط هجوم له.
على سبيل المثال، وفي أعقاب تقرير هور حول التعامل مع الوثائق السرية، لم يركز رد فعل ترامب على عمر بايدن بل على ظهور المعايير المزدوجة في النظام القضائي.
وبينما يسلط ترامب الضوء على زلات بايدن، تركز رسالته الرئيسية على مظالمه الشخصية والقضايا التي يهتم بها الناخبون، بما فيها الهجرة.

سيناريو من اثنين
صحيح أن الناخبين يقولون لمنظمي استطلاعات الرأي إن عمر بايدن يشكل مصدر قلق، لكن أهليته للمنصب لن تكون مشكلة رئيسية إلا إذا حدث أحد أمرين: أولاً، سيتعين على الجمهوريين تقديم حجة مقنعة مفادها أن عمر بايدن يضر بالأمريكيين العاديين.
ومن المحتمل أن يلوم عدد كبير من الناخبين الذين يصفون بايدن بأنه «زعيم ضعيف» تقدمه في السن على سوء التعامل مع القضايا التي تهمهم، لكن حجة المحافظين بأن بايدن أكبر من أن ينفذ بشكل فعال سياساته اليسارية الخطيرة هي تناقض واضح.
ثانياً السيناريو الأكثر ترجيحاً لكيفية منع بايدن من الفوز بولاية ثانية هو لحظة تشتت ذهني عالية المخاطر تثير قلق الناخبين بشكل مشروع من قدرة بايدن على الوفاء بواجباته الأساسية كقائد أعلى للقوات المسلحة.
ويفسر هذا القلق سبب قيام فريق بايدن بكل ما في وسعه لحمايته من اللحظات الكبيرة غير المعدة سلفاً، ومن الممكن أن تحدث عثرة وجودية بالفعل، لكن الجمهوريين لا يستطيعون التحكم بمصيرهم إذا كانوا يعتمدون على ذلك.
وستوفر انتخابات 2024 للناخبين خيارات واضحة بشأن القضايا التي تؤثر بشكل مباشر على كل أمريكي، بما في ذلك معدلات الضرائب والسياسة الخارجية والهجرة والإجهاض.
وختم كونانت معيداً تأكيد أن الناخبين سيختارون أفضل مرشح يشاطرهم قيمهم تجاه هذه القضايا – بصرف النظر عن العمر.