آراء الكتاب

آراء الكتاب

مساحة نستعرض فيها الأفكار والإبداع  بهدف إثراء الحياة الثقافية يعبر القارىء فيها عن رأيه ولا يمثل وجهة نظر الصحيفة نتلقى مشاركتكم عبر الايميل  abdalmaqsud@hotmail.com

جبر الخواطر 
انتشرت الأسابيع الماضية صور وأخبار متداولة عن ترند الشكولاتة المهداة من التلاميذ للمعلمين، وأكثر المتفاعلين مع الحدث متحاملين على الترند، ولهم حجتهم المقنعة والثابتة بالدلائل العلمية البحتة، معللين هذا التوجه على أنه من ضرب الأسرة وتكدير السلم العام وتفشي روح الفساد بين الطلاب، وركز الناقد لهذه الظاهرة على الانكسار النفسي الذي يحدث للطالب أو التلميذ الذي لا يتمكن من دفع قيمة الهدية، وبذلك سيشعر بالنقص وبدون قصد نهدم له ثوابت في شخصيته وتحويله لشخص متمرد على الواقع مما يدفعه لكره المدرسة والتسريب من التعليم والانحراف، كل هذه العواقب نتيجة إهداء التلاميذ الشكولاتة للمعلمين، كارثة كبرى ستحدث وتحول جذري في حياة التلاميذ الفقراء وتحمل أولياء الأمور الكثير من فواتير من الممكن الاستغناء عنها. 
لا ننكر التوجه القائل بمنع هذه الظاهرة من الانتشار، ولكن كل شيء له وجهان، وهذا الموضوع له وجه آخر مغاير عم قيل، حيث تأتي الهدية البسيطة لتقرب المسافات بين المعلم والتلميذ، فمنذ كنا تلاميذ وهناك علاقة احترام بين التلميذ ومعلمه خاصة في التعليم الأساسي، فهذه المرحلة هي تكوين الشخصية، فعندما يقدم التلميذ على إعطاء معلمه هديه تكون نابعة من حبه واحترامه، فلا بأس من تخطي المعلم مرحلة المنهج والتلقين للتربية والتقويم، ولا ينحصر دوره على توصيل المعلومة وتحديد مستوى التلاميذ حسب المعايير الموضوعة، ولكن مع هذا الزخم الكبير من كم المغالطات المعلوماتي على مواقع التواصل الاجتماعي، فيجب أن يكون للمعلم دور آخر مع شرح المادة العلمية، وهو توجيه التلاميذ للقراءة والتعلم وتصحيح المفاهيم واتباع النماذج المشرفة والقدوة الحسنة. 
كما أن إعطاء التلميذ ينمي به فكرة العطاء وغالبا ما يدخر التلميذ من مصروفه لشراء هذه الهدية، وكنا صغارا نشتري من مصروفنا هدية عينية بسيطة للمعلمة في عيد الأم، ولم يقل حينها إن بالصف أيتاما راعوا مشاعرهم، بل رأينا المعلمة تحتويهم وتجبر بخاطر هؤلاء، ولم تعاملنا المعلمة بتفرقة وتمنح ما لم يستحق درجات التفوق، فدعونا نرى الأشياء بأسلوب صاف، ونستبعد المؤامرة وحذف كل جميل من حياتنا بحجة الخوف من الأمور السلبية، فنحن نتغاضى عن أشياء أكثر عرضة من هذه وتمر مرور الكرام بدون تعليق، لكن للترند أموراً أخرى. 
الشيماء محمد – كاتبة 

تحقيق الحلم 
ستدرك في وقت متأخر من الحياة أن معظم المعارك التي خضتها، لم تكن سوى أحداث هامشية أشغلتك عن حياتك الحقيقية، لذلك ينبغي أن تدرك تلك الأمور، وتعي ما يحاك لك من الدنيا وتصرف على أنك صاحب القرار الأول والأخير في استمرار الحياة كما ينبغي 
الاهتمام بالحلم المرسوم والحياة الدائمة يحتاج إلى كثير من العناء والجهد والتعب لتحقيق الحلم، وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في قول مأثور (عندما يأتي الصباح إما تستمر في النوم لاستكمال حلمك أو الاستيقاظ لتحقيق حلمك) فمن هنا ندعم أنفسنا بالهمة والقوة من أجل تحقيق الهدف والحلم المنشود الذي طالما حلمنا بتحقيقه، فالصبر والجلد والتخطيط السليم يعيننا على هذا الأمر ويجعلنا في أهبة الاستعداد للنجاح والتطور وبناء الذات والمساهمة في بناء الوطن وتنميته. 
علاء رياض 

قصاصة ورق 
احتفظ بقصاصة ورق بخط أمي في جيبي، مجرد قطعة من ورق مرت عليها سنوات وهي تنبض بما فيها من دعاء، كلمات بسيطة بخط يدها خطتها في حالة إيمانية وفي لحظة صدق مع الذات، عدد الكلمات لا يتجاوز عشر كلمات، ولكن مع صغرها وقلتها إلا أنها ظلت مرسومة في قلوبنا، ونوراً لحياتنا وناقوساً يحذرنا من البعد عن الطريق الصحيح، كلمات بسيطة دونتها قبل رحيلها وكأنها تسجل دعاءها لنا في ورقة لتظل الدعوة مستمرة. 
دعاء كدعاء كل الأمهات لأبنائها في بهيم الليل وحيدة، بعد أن استكملت رسالتها وكل أبنائها طاروا كطيران العصافير لعشها، وجلست وحيدة تتابع عن كثب طيورها وهي تتكاثر وتفرح بهم، كانت الأم التي تمنح وتعطي بلا حدود، تعطي الحنان والمادة والدعم والصلاح والتربية، وفي لحظاتها الأخيرة فضلت أن تكتب الدعاء في ورقة لتصبح رسالة مستمرة للسماء، وإعلان عن الرضا بقدره وهي تودعنا وتودع أحفادها عنده.
الأم كل أم تجسد كتلة من المشاعر والأحاسيس تجاه أولادها، تعيش لتفني عمرها من أجل صغارها، لا تطلب على جهدها شكراً ولا حمداً ولا أجراً، تنال من أولادها السخرية أحيانا والتنمر تارة والغضب تارة أخرى، لكن تظل الأم ثابتة، حبها لا يتغير لرفض ولا يقل لسخرية ولا ينتهى لعقوق، ستظل الأم هي النور الذي نفتقده عند فراقها ونستمد منه القوة عند ذكرها، لا نعرف قدرها إلا بعد أن نكون أباء وأمهات مثلها.
لكل من لديه أم على قيد حياة برها، قبل يديها ارتمِ في حضنها وأكرمها، فلا تعرف ماذا يحمل قلبها لك وماذا تقول وقت غيابك، فمنهن من يخط بيده الدعاء ومنهن من يتطلع للسماء للدعاء والتضرع من أجلك، ما وجدت أحن ولا أعظم من الأم، وما شعرت بكسر القلب إلا بفقدانها وصرخة مدوية صدرت مني في لحظة شعوري بعدم رؤيتها بعد اليوم، كلنا صدرت منا هذه الصرخة عند فقدان حبيب خاصة الأم التي كانت تتابع بعيونها تحركاتنا وتتمنى أن ترانا رجالا ونساء، بخلاف نظرتنا لهن تماما، فكما قال كتاب ومفكرون (إننا عند إبائنا شجرة تحتاج لرعاية فهم عند الأبناء ثمرة وجب قطافها وأكلها) يفرحون حين ننجح ونتميز ولا يسألون عن العائد من النجاح. 
علينا أن نقدر الأم والأب ونهتم بهما قدر المستطاع، فلا غيرهما من قلوب تئن من أجلنا ولا أرواح تضحي من أجل راحتنا واستمرار نجاحنا، ولو لم تكن محبتهم واجبة فهناك أمر بطاعتهم وحسن معاملتهم، اذهبوا إليهم وعيشوا تحت أقدامهم فسوف يأتي اليوم الذي تتمنون لحظة تحتمون في حضنهم وتقبلون أيديهم. 
راجح محمد 

سيدة القصر .. أمي 
أنتِ يا سَيدَةَ القَصْرِ و يا نُورَ العُلا 
وجهُكِ البدر وفي قلب الدُّجى قد كَملا 
تصنعين بسمة الفجرِ كما الحُلْمُ الهَنِي 
مثلَ زهرٍ في رياضٍ قال للعطرِ: هَلا 
لكِ يا سَيدَةَ القَصْرِ جَمَالٌ باهرٌ 
منه قلبي في سرورٍ وهناءٍ هللا 
إن في عينيكِ فاضَ السِّحرُ والأُنسُ بدا 
وأنا أُنشِدُ شِعري في هواكِ غزَلا 
منكِ يا مُلهِمةَ القصرِ بقلبي بهجةٌ 
فيكِ يلقى القلبُ ما مِن أمنياتٍ سألا 
قلبكِ الطاهرُ في الحبِّ تهادى وسما 
طارَ في كلِّ الأماني أوَّلا 
أنتِ يا سَيدَةَ القَصرِ و يا نبعَ الهوى 
فيكِ للحسْنِ لسانٌ آيةَ الحسنِ تلا 
بِكِ كم أحلى الأمانيِّ استفاقتْ ونَمَتْ 
في قلوبٍ بأمانيها تصوغ الجُمَلا 
أنتِ يا سَيدَةَ القَصرِ و يا بدرا بَدا 
بكِ جِنحُ الليلِ في إشراقةِ الصبحِ جلا 
بشرى الغفوري – شاعرة 

الغواص 
يرتدي بذلة الغطس ويحضر لرحلته في أيام، ويغوص لمساحة بعيدة في عمق البحر، ليجد سمكة حبيسة في كيس بلاستيكي، فيقدم عليها ليحررها من محبسها الذي كان على وشك خنقها، سمكة مجرد كائن في المياه ليس له شأن في الكون، لم يره أحد، ولا يؤثر فراقها الحياة على دوران الأرض أو لوم أحد على غرقها وتلاشيها، لكن كيف وهناك من يملك زمام الأمور ويحرك الكون وله في كل شيء وهو القادر، مجرد سمكة ضعيفة سجينة تتألم، أرسل إليها غواصاً ليحررها ويمنحها الحياة .
 تبدو القصة عادية ومن وحي الصدفة أن يتزامن وجود غواص في الوقت نفسه والأمر بسيط ولا يحتاج لتحليل أو تأويل أكثر من مجرد موقف عابر، وفي الحقيقة أن الحكاية لها جوانب كثيرة وليست قصة عابرة وموقفاً حدث، لأن خالق الكون لا يصنع شيئاً عبثاً فكل المواقف عبارة عن رسائل توحي للبشر موعظة، نعم لابد أن نعي أن رب الكون أرسل هذا الغواص وهيّأه لهذه المهمة ليحرر مخلوقاً ضعيفاً من أسره، كما هو الحال وكما يحدث يومياً بين البشر ، أحداث كثيرة ورسائل متعددة ولم تلفت نظر العامة والسواد الأعظم من الناس، كل يوم يحدث مواقف مماثلة ننجو من مصائب عدة ويرسل لنا الله من ينقذنا ومع ذلك نغفل وتمر علينا المواقف بدون وعي أو إدراك وبلا دهشة أو موعظة. 
صاحب السفينة رحل ولم يعرف أن شخصاً أنقذه بخرمها وإحداث عيب فيها، وكذلك صاحب الجدار الذي أراد أن يهدم ومع ذلك أقامه وشيده، لا يعرف العلة من تشييده وإقامته، كل هذا يحدث يومياً في حياتنا ولم نتوقف للحظة واحدة لكي نتطلع لما يدور حولنا ومعنا، لم نجهد أنفسنا لكي نفهم سنة الحياة والكون الذي نعيش عليه، كل ما يشغلنا هو الحدث المعلوم والظاهر بدون إرهاق فكري أو بحث فيما يجري لنا في الحياة. 
علينا أن نتأكد أن هناك الغواص الذي أنقذنا كثيرا ولم نعقب، هناك من قدم لنا المساعدة في الخفاء ولم يتردد، فالنماذج الحياتية كثيرة ومتعددة، لكن لا نقف عندها طويلا والسبب هو عدم معرفتنا بمجريات الأمور، وثانيا لقصورنا الفكري واعتمادنا على سريان الحياة، فلو أننا توقفنا للحظة وفكرنا فيما يحدث لوجدنا الغواص وهو يحررنا من أسر الغشاوة التي على القلوب وتعميق الأبصار والبصيرة، فعلينا أن نجتهد في تحليل ما يمر بنا من أحداث وننجو بفضل من رب العباد وقدرته. 
حمادة الجنايني 

التكافل 
عندما تزور أحداً في بيته لأول مرة، وتلاحظ وجود منظر طبيعي معلق على الجدار في لوحة فنية رائعة، تشعر بالراحة النفسية وتتأمل المنظر وتغوص في تفاصيله الدقيقة، وتظل على هذه الحالة إلى أن يخزن في الصورة الذهنية، بالإضافة لتذكر الأماكن المماثلة التي رأيتها وزرتها في الواقع، ومن الممكن أن هذا المنظر يوحي لك بنظم قصيدة أو كتابة مقال أو نسج قصة، وكل هذه الانفعالات ناتجة عن التوحد مع اللوحة، فالمناظر الطبيعية الخلابة تأخذ النفس لأماكن بعيدة في الذاكرة وتعلو بالنفس إلى قمة التصالح النفسي. 
يحدث ذا الشعور عندما نرى أشياء جميلة لأول مرة، أما في الزيارة الثانية لنفس المكان ورؤية نفس اللوحة على الجدار سيكون الشعور بها مغايراً ومختلفاً، ربما لم تلفت نظرك أو تتابعها، وكل ما تتذكره منها هو انبهارك بها أول مرة، لكن مع التعود والانخراط في الرؤية المتكررة لنفس المشهد يقل الشغف بالأشياء وتتحول إلى روتين يومي، كما يحدث عند صاحب المنزل المقتني للوحة، تبدو مبهرة لكل من يراها أول مرة أما أصحاب البيت لم يلاحظوا جمالها لاعتيادهم على رؤيتها والتعايش معها، نفس الشيء يقاس على كل شيء، من يحرس بستاناً ويرى أشهى وأجمل الفاكهة لا يشعر مطلقا بطعمها وقد يشتهي ما لم يملك. 
والشاهد أننا نمتلك أشياء كثيرة جميلة يتمناها الآخر، وهي عندنا من الكماليات التي لا تلفت نظرنا ولا نشعر بوجودها، وقد نشتهي ما عند الآخر ولو كان أقل جمالا، فالجميع لا ينظر لما يملك وإنما ينظر لما لم يملك، وهنا تكمن المعضلة ويزداد الحسد والحقد وتعلو الصفات الذميمة، فمن يعمل ولديه وظيفة ناقم على العمل والوظيفة ويشكو من الجهد والاستيقاظ مبكرا والعودة متأخرا، وقد غفل أن وظيفته يتطلع إليها مئات بل ألوف العاطلين عن العمل، نتعامل مع الوالدين بقسوة وتمرد على أنهما سيعيشان للأبد وعندما نفتقدهما نجلس نتحسر على كل وقت مضى ولم نتقرب إليهما أو نلبي طلبهما بدون عناد أو تمرد. 
على الجميع أن يدرك أنه يمتلك ما ييسر له حياته، فهبة الأدوات المستخدمة لتيسير الحياة متوافرة بأمر إلهي، ولنعلم أن لدينا ما تم تسخيره لنا لتلبية رغباتنا واحتياجاتنا في ضوء خلق كل شئ بقدر ولعلة، فما بيد غيرك هو اكتمال لما هو في يدك، فنحن في دائرة مغلقة نعيش بداخلها لنؤدي أدوارنا الموكلة لنا والمرسومة بدقة لتحقيق التكافل والمتكافؤ ليستقيم الكون. 
محمد أسامة – كاتب 

مواجهة الخرافة بالعلم 
الخرافة وهم باطل وفكرة قامت على خيالٍ محض دون وجود سبب منطقي مبني على العلم الملموس. وترتبط الخرافات بفولكلور الشعوب فهي عادةً موروث تاريخي تتناقله الأجيال، ومعظم الخرافات المترسبة لدينا تعود إلى آخر خمسة قرون نظراً لشيوع الأُمِّيَّة فيها وتراجع الحركة العلمية إلى حدٍ كبير. 
والخرافة معتقد زائف وممارسة لا عقلانية، وقال عنها بعض الأدباء والفلاسفة: إنها أكثر خلوداً من الحقيقة، فلكي تحيا الخرافة فإنها تتغذى على جزء من الحقيقة، ثم تصبح هي الحقيقة في نظر الناس مع التكرار. 
وأبرز مهام الخرافة ووظائفها الخبيثة نشر الخوف في نفوس الناس وإنهاكهم بالأساطير حتى يسهل السيطرة عليهم من قِبَل أرباب المصالح، وربما كانت المصلحة مجرد حب التحكم واستقطاب التابعين لتأسيس قطيع يدين بالولاء لفرد معين أو مجموعة أفراد، ولا ننسى أن شهوة الرئاسة الاجتماعية لها جاذبية في نفوس البعض تماثل وتضاهي شهوة جمع المال، ولذلك لا نستغرب إذا وجدنا بعض الدجالين يحبون أن تكون لهم حظوة بين الناس وجلالة في النفوس، ثم يخدعون أنفسهم ومن حولهم بالقول إنهم لا يَتَرَبَّحُون وتناسوا أن حبهم لرئاسة القطعان البائسة فكرياً ظلم لأنفسهم ولأتباعهم المُضللين. 
وتتنوع أساليب الخرافة ما بين تهويل شيء معين والغلو فيه والمبالغة في تعظيمه إلى حد لا يُطاق عند ذوي العقول السليمة، وبين ذكر قصص خيالية مضحكة مملوءة بالبهارات التي يحبها العامة وتنتمي إلى عالم ألف ليلة وليلة، وكذلك استخدام لغة عاطفية بلا أي منطق تحاصر المستمعين نفسياً وتدغدغ مشاعرهم وتمسح عقولهم باسم المحبة والأخوة والروابط الروحية. 
والحل الأمثل لمواجهة الخرافة هو نشر التعليم الجاد والنافع، وتعزيز الثقافة العلمية وبالأخص معرفة العلوم الطبيعية الثلاثة وهي الأحياء والفيزياء والكيمياء، ومعرفة عِلْمَي النفس والاجتماع لفهم السلوكيات الفردية والأمراض السيكولوجية وظاهرة الأحلام التي لابد من تفسيرها علمياً بعيداً عن التهويم والشطح لأنها من عمل الذاكرة والعقل الباطن، أما علم الاجتماع فمهته أن يفهمنا أصول وأسباب الظواهر الاجتماعية العامة وكيف يمكن حلها إذا كانت ظواهر غير مُرضِيَة، ولا يجب أن ننسى أهمية إشاعة الوعي ودراسة قوانين وطرق التفكير السليم مع التحليل والنقد، فليس كل ما يُقال يمكن تصديقه وإلا فما دور العقل، بالعقل والعلم نقضي على الخرافة. 
حاتم السروي 

مكتبة الأسرة بين الماضي والحاضر 
تعد الثقافة أحد الأركان الأساسية لبناء حضارة وتقدم الشعوب ، خاصة في ظل السعي المستمر والدائب لوصولها لكافة أطراف وأطياف المجتمع ، ويعد مشروع مكتبة الأسرة ومهرجان القراءة للجميع من أبرز وأشهر الإنجازات الثقافية المصرية في العصر الحديث والتي نالت صدى محلياً وعربياً على مدار ثلاثين عاماً ، منذ اقتراح فكرته من خلال الكاتب الراحل توفيق الحكيم والسيدة سوزان مبارك حرم الرئيس السابق والتي يرجع لها الفضل فقد كانت مسؤولة عن خروج تلك الفكرة للواقع والمجتمع والعمل علي انتشارها على أوسع نطاق عام 1994، مما ساهم بشكل كبير في إثراء الحياة الثقافية والاجتماعية لنشر الوعي الثقافي والقرائي. 
كانت المكتبات المتنقلة والتي تجوب القرى والنجوع على مدار العام خاصة في العطلات الصيفية فيحصل كل محبي القراءة من خلالها على ما يريده بصورة مجانية، وكذلك توفر جميع الإصدارات للهيئة العامة للكتاب أو المكتبات المختلفة بأسعار رمزية لدي الصحف والباعة ، والذي بدورة ساهم بشكل إيجابي لحركة النشر والكتابة وإظهار المواهب الثقافية الإبداعية والفنية. 
فقد شهدت تلك الفترة حراكاً ثقافياً حظي بصدى مصري وعربي كبير ، كذلك ساهم الإعلام الثقافي في الترويج وعرض محتوى المشروع الدائم للوصول لأكبر قدر من الجمهور المستهدف، وشمل الحرك الثقافي لمشروع مكتبة الأسرة أيضا قصور الثقافة والمنتشرة بجميع محافظات مصر المختلفة من خلال مكتبات قصور الثقافة وتزويدها بأحدث الإصدارات المتخلفة من الصحف المحلية وإتاحة الفرصة لكل الراغبين للاطلاع والقراءة بسهولة ويسر ، بالإضافة لكافة الأنشطة المختلفة ، ويعد قصر ثقافة الفيوم أحد القصور البارزة والرائدة في هذا المجال والذي كنت دائماً أتردد عليه منذ الطفولة ، فمنذ نشأته عام 1983 ثم إعادة بنائه مرة أخرى وافتتاحه عام 2000 ، والذي شهد تطورات كبيرة من خلال المسرح والأنشطة التكنولوجيا والمعارض الفنية والأمسيات الشعرية والثقافية بالإضافة لما تحتويه مكتبته الضخمة ، يرجع كل ذلك لمشروع مكتبة الأسرة ومهرجان القراءة للجميع والذي جعل مصر محط أنظار المجتمع العربي بل والدولي أيضا ، كما ساهم في إبراز المواهب الثقافية والإبداعية المختلفة. 
والأن في ظل ما يشهده التقدم والتطور في النشر والقراءة المختلفة والتي جعلت الكتاب في متناول الجميع ولكن ينقصنا شغف القراءة كالسابق في ظل الأنترنت ، نحن بحاجة ماسة لتكاتف الجميع لكي نعيد إلى الأذهان مشروع القراءة للجميع والعمل على عودة المكتبات المتنقلة التي تجوب ربوع القرى النجوع المختلفة خاصة في العطلات الصيفية ، لكي نساهم في الحفاظ وخلق أجيال قادمة محبة للقراءة والثقافة. 
سماح سليم – شاعرة