رئيس الدولة والرئيس التركي يؤكدان الحرص على دعم جهود تحقيق السلام والاستقرار الإقليميين
آراء الكتاب
مساحة نستعرض فيها الأفكار والإبداع بهدف إثراء الحياة الثقافية يعبر القارىء فيها عن رأيه ولا يمثل وجهة نظر الصحيفة نتلقى مشاركتكم عبر الايميل
abdalmaqsud@hotmail.com
في حضرة القلب الأول
الأم هي تلك المخلوقة التي إن ذهبت، خسرنا دفء العالم كله ولو اجتمع ، وإن بقيت، بقينا نحن أطفالًا مهما امتدت بنا السنوات، الجنة ليست وعدًا فقط ، بل صارت واقعًا صغيرًا تحت قدميها ، من مشى إليه برًّا وصل .
ومن عقّها ضلّ طريقه ولو قرأ ألف خريطة ...
ثمة ميزانٌ خفيّ في هذا العالم لا تراه العيون ، لكنه يُحرك كل شيء من خلف الستار ، ميزان تضع فيه الحياة كل ما فيها من ضجيج المدن ، وذهب الممالك ، وفتوحات الملوك ، وفي الكفّة الأخرى ...أمك
ليس كل من حملت اسماً صارت أمًّا ، فالأم التي أقصدها هي تلك التي تمشي على وجعها كي لا تراك تتألم ، وتُخفي أنينها خلف ابتسامة كي لا تنهار روحك ، هي التي تبنيك من خوفها ، وتدفئك في دعائها كل ليلة لتُبعث من جديد كل صباح .
في كل وطن أم ، وفي كل أم وطن ، أما حين تمضي الأم ، فالوطن يتحول إلى مجرد جغرافيا على خارطة العالم .
نابليون نفسه ، صاحب السيف والحديد ، وقف يومًا وقال : " العالم بكفة ، وأمي بكفة أخرى " لم يكن يهتف لعقيدة ، ولا يغازل شعبًا ، بل كان يعترف أن قلبه الكبير لم يتسع لأحد كما اتسع لامرأة واحدة فقط ، أنجبته ذات خوف، وربّته ذات تضحية، وبكته ذات غياب.
ما من لغة تُنصف الأم، لأن الكلمات خجلى أمام عظمتها، وما من منبر يُعليها بما يكفي، لأن الأم لا تُختصر بخطبة أو مقولة ، هي حالة سماوية تمشي على تراب الأرض. فلا تساوم على كفّتك الثانية ، ولا تضعها في موضع المفاضلة ، لأنها الكفّة التي تُرجّحك أنت ، لا العكس.
حيدر فليح الشمري : كاتب صحفي
الموضة
نشرت جريدة (الفجر) الإماراتية على صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي خبراً ملفتاً للنظر، أن حقيبة نجمة الستينات "جين بركين" تم بيعها في مزاد في فرنسا بمبلغ ٨.٢ مليون دولار، وحسب ما جاء من أسباب لشراء هذه الحقيبة هو انفرادها ببعض الخصائص التي تجذب المهتمين بالأزياء العالمية والموضة ومن محبي الاحتفاظ بالمقتنيات الفريدة والنادرة . أعرف على المستوى الشخصي عدداً كبيراً من المهووسين بهوايات جمع (الانتيكات) من الأشياء القديمة، منهم من يجمع طوابع البريد أو العملات القديمة الورقية، والمعدنية، وجزء يتردد على أسواق بيع الأشياء القديمة كالراديو، أو عدة تليفون، أو ساعات، المهم أن يكون عمر الشيء تعدى الزمن الذي يمكن أن تكون هذه الأشياء من التحف، وهنا السؤال لماذا كل هذه الفروق في السعر، فمعارفي يبيعون المقتنيات بأسعار تعد خيالية لمن لم يعرف قيمتها، لكن تبقى في عشرات الآلاف، ولم ترتق إلى المليون مثلاً.
بعد فحص، ودراسة نكتشف أن أسلوب التسويق، ونسب القطعة إلى شخصية كبيرة، ومشهورة يمنحها سعراً عالياً جداً ومغالى فيه، إذا الترويج والتسويق هما سر الخلطة السحرية لتحويل السلعة من مجرد تحفة إلى كنز لا يقدر بمال، فأسلوب العرض والترويج باحتراف يسهما في هذه النقلة النوعية، ويضغط على هذه النخبة ممن يهتمون باقتناء التحف بالتهافت على المزاد للمشاركة والفوز بشيء ما هو إلا حملة تم تسويقها إعلاميا، فالذي يدخل المزاد يدخل لشراء ما قيل عن البضاعة وليس للبضاعة نفسها بقدر الهوس باقتناء حقيبة أحد المشاهير، أو رسائله أو أشياء أخرى، فمن الممكن أن تكون عدة تليفون قديمة تباع بعشرات الدولارات في حين أن نفس العدة إذا قيل إنها تعود إلى ملكية الفنان المشهور ستباع بالملايين، فقط الأسلوب في العرض ومكان العرض، وخلق جو من المنافسة، والحماسة بين المهووسين بهذه التحف.
المدهش أن الأزمة التي حدثت في الشهور الماضية، والمعروفة بفرض للضرائب على المنتجات، حيث كشف الصين عن مصانع لتصنيع الماركات العالمية بأبخس الأسعار، وتباع حول العالم بأرقام فلكية، ومع ذلك تتهافت فئات المجتمع على شرائها والتباهى باسم الماركة.
خالد سالم
عالم السحر ٢
سؤال يطرح نفسه دائماً، ومتداول بين الجميع: هل تؤمن بالسحر ؟ بالفعل هناك معتقدات مختلفة في كل التشريعات الدينية حول عالم السحر، حيث أن الدين الإسلامي يعتمد على القرآن والسنة، فقد حذر من ممارسة السحر حيث يعتبر من الكبائر، ومن الموبقات السبع كالشرك بالله، وقد حذر منها رسولنا الكريم، لأن ممارسة السحر تصل إلى حد الكفر، والشرك بالله، فقد نهي الإسلام عن تعلمه، والذهاب إلى السحرة، أو الكهنة، والعرافين.
أما المسيحية تعتمد على الكتاب المقدس (العهد قديم، والعهد الجديد) نجد تحذيراً من ممارسة السحر، حيث ذكر في سفر الخروج ( لا تدع ساحرة تعيش ) "٢٢"، وأيضُ (الرَّجُلُ أَوِ الْمَرْأَةُ الَّذِي فِيهِ رُوحُ سَاحِرٍ أَوْ عِرَافٍ، يُقْتَلاَنِ، يَرَجِمُونَهُمَا بِالْحِجَارَةِ، دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا )"إصحاح 20"، وعقوبتهم الإعدام رجماً بالحجارة لأنها تعتبر من الأعمال الشيطانية، وتنهي بل تحذر من ممارسة السحر والعِرافة، وتحدد عقوبة الإعدام رجمًا بالحجارة لمن يمارسها.
كما أن اليهودية تعتمد على التوراة و تحذر في تشريعاتها من ممارسة السحر ويجب على أتباعها تجنبه، وذكر في التثنية "لاَ يَوجَدُ فِيكَ مَنْ يُمَرِّرُ ابْنَهُ أَوْ ابْنَتَهُ فِي النَّارِ، وَلاَ مَنْ يَتَعَاطَى الْعِرَافَةَ، وَلاَ عَائِفٌ وَلاَ مَنْجِمٌ وَلاَ سَاحِرٌ، وَلاَ مَنْ يَرْقِي رُقْيَةً شِرِّيرَةً، وَلاَ مَنْ يَسْأَلُ جَانًّا أَوْ تَابِعَةً، وَلاَ مَنْ يَسْتَشِيرُ الْمَوْتَى" ، والسفر يعد أحد أسفار التوراة ويتضمن توجيهات وأخلاقاً وعبادة، وتعاليم، كما أنه خطاب من نبي الله موسى لقومه، فالشريعة اليهودية تحرم ممارسات السحر ، شأنها شأن التشريعات الأخرى.
والتشريعات التي يؤمن بها بعض الأقوام كالهندوسية تعتبر السحر من الممارسات الدينية، واستخدام القوى الخارقة للطبيعة، وهناك السحر الشعبي فيه استخدام التمائم للحماية من الأذى، والتعاويذ لجذب الحظ ،والرقي، واستخدام اليوغا والتا نترا، حيث أن اليوغا ممارسة روحية توحد بين الجسم، والعقل والروح للتحكم في الطاقة، والتنفس، والحركة أثناء التأمل، أما التانترا هي ممارسة روحية وفلسفية هدفها تحقيق التوازن والوحدة بين الطاقة الذكورية والأنثوية في الجسم، والسيخية تعتمد على الكتب المقدسة التابعة لتشريعاتهم وأفكارهم، وهو فكر توحيدي يؤمن بوجود إله واحد هو (الله) وأهم الكتب (الغورو جرانث صاحب) تشجع على التواضع وخدمة الآخرين، ويعتبر السحر انحرافاً عن الطريق الصحيح، ويسبب ضرراً روحياً للفرد، والمجتمع، ولم يذكر عقوبة معينة للسحرة في هذا التشريع.
والبوذية تعتمد على تعاليم الفكر، وتؤمن بالتحرر من الحياة المادية، وتؤمن بالكارما، والولادة الجديدة، واتباع الطرق الثماني لتحقيق التنوير، فهي ترفض السحر، والتنجيم، والعرافة، وتشجع على الروحانيات، والكارما والولادة الجديدة والتحرر من المعاناة والرغبات وهنا تبقى العقوبة والأذى مع كارما السلبية فتؤثر على الفرد في دورة الميلاد، والموت وقد تظهر للإنسان في الحياة الحالية أو المستقبل وفقاً مبدأ الكارما.
وعند اليونانية القديمة كان السحر جزءًا من الممارسات الدينية والشعبية، اليونانيون كانوا يستخدمون السحر لتحقيق أهداف مختلفة، مثل الحماية من الأذى، وجذب الحظ الجيد، الآلهة اليونانية كانت تُعتبر قادرة على التأثير في حياة البشر، وكان السحر يُستخدم لتحقيق أهداف مختلفة من خلال استرضاء الآلهة أو استغلال قوتها، و هناك عقوبات مختلفة للسحر، اعتمادًا على السياق والنية وراء استخدام السحر والعقوبات يمكن أن تتراوح بين الغرامات إلى النفي أو حتى الموت.
وفي سيبيريا هناك الشامانية وهي شريعة قديمة تؤمن بالتواصل مع الأرواح، فالشامان هو الشخص الذي يستطيع التواصل مع الأرواح والطبيعة كوسيط، يكون التواصل معهم عن طريق الرقص والغناء واستخدام التمائم والأعشاب، ولا توجد عقوبات في هذا التشريع ولكن يحذرون من الأفعال السلبية التي يمكن أن تؤدي إلى الاضطراب الروحي والإضرار بالطبيعة.
وفي القرن التاسع عشر ظهرت البابية في بلاد فارس وتعتمد على تعاليم الباب وترفض السحر والشعوذة لا توجد عقوبة في هذا التشريع ولكن تعتبر أنها تؤدي إلى عواقب سلبية في الحياة الروحية.
أما البهائية التي ظهرت في بلاد فارس حديث تعتمد على تعاليم بهاء الله، فالبهائية ترفض السحر والشعوذة، وتشجع على الروحانية والتطوير الشخصي، حيث يركزون على الصلاة والخدمة والتعليم، ويشجعون على التسامح والعدالة والتعايش بين الناس من مختلف الخلفيات الدينية والثقافية، ولا توجد عقوبة محددة للسحر، ولكنها تعتبر أن الأفعال السلبية يمكن أن تؤدي إلى عواقب سلبية في الحياة الروحية، لذلك تشجع على التطوير الشخصي والروحي، وتحذر من الأفعال السلبية، بما في ذلك استخدام السحر للضرر أو الأذى.
من هنا نجد أن السحر أشير إليه في كثير من التشريعات على أن له وجوداً وأثراً واضحين في حياة الإنسان سواء بالضر أو بالنفع.
إيمان الصقار : مهندسة ديكور
الأكاديمية.. المفهوم والضرورة
إن كلمة أكاديمية تعني في عصرنا الحاضر المؤسسة العلمية القائمة على أعراف ثابتة والهادفة إلى نقل العلم وإنتاجه، فهي لا تكتفي بنقل المعرفة إلى الطلاب نقلاً أميناً يزيد من محصولهم العلمي ويوسع مداركهم، بل إنها فوق ذلك تعتمد على تدريبهم على البحث العلمي واكتشاف المجهول بناءً على المعلوم.
وأصل الأكاديمية أنها كانت مدرسة فلسفية أسسها أفلاطون، وهي أشهر مدرسة تعلم الفلسفة في التاريخ القديم كله، حيث أنشأها الحكيم أفلاطون في القرن الرابع قبل الميلاد، وظلت تعلم الفلسفة حتى النصف الأول من القرن السادس بعد الميلاد، حيث أغلق أبوابها – مع الأسف- الإمبراطور الروماني "جستنيان".
فالمدرسة العريقة أغلقها الإمبراطور الروماني لدواع يبدو أنها دينية متعصبة مع أن فلسفة أفلاطون لا تصادم المسيحية ولا الإسلام، لا تصادم الأديان في الحقيقة، والتاريخ يخبرنا أن فلاسفة الأكاديمية فكروا بشكل عملي، حيث هاجروا بعد إغلاقها إلى بلاد فارس، وهناك رحب بهم "كسرى انوشروان" وأنزلهم في مدينة "جنديسابور" وظلت أفكار الأكاديمية حاضرة في أذهان وقلوب الحكماء في فارس، وبقيت التعاليم العرفانية لأتباع أفلاطون تؤثر في قطاع كبير من العلماء والفنانين حتى يومنا هذا.
ولا تزال الأكاديمية حية باسمها في معظم لغات العالم، فهي عنوان على نوع خاص من معاهد التعليم العالي، وإذا قلنا عن باحث إنه أكاديمي فالمفترض أن هذا الوصف معناه الفكر المتعمق في البحث مع الأصالة بمعنى أن البحث من بنات أفكاره وحصيلة مجهوده العلمي، والجِدَّة بمعنى أن موضوع البحث غير مستنسخ ولا مسروق ولا مُعاد ولا مطروق من ذي قبل.
ولعلك لاحظت أن الأكاديمية استمرت في أثينا زُهاء ثمانية قرون ثم انتقلت منها إلى فارس، فما الذي أبقاها كل تلك القرون؟ أجل، إنه النظام المحكم الذي وضعه الحكيم أفلاطون حين أنشأ الأكاديمية وهو في الأربعين من عمره "سن اكتمال النضج" بعد رحلة حياة ممتازة ومغامرات يمكن لرواد السينما أن يصنعوا من خلالها فيلماً مملوءاً بالدراما والتشويق.
وجاء اختيار أفلاطون لمكان الأكاديمية في مكان خارج أسوار أثينا وعلى مقربة من بابها الغربي، هذا المكان هو بستان البطل "أكاديموس" لهذا قيل عنه "أكاديمية" وكان يؤدي إلى هذا البستان طريق يحف به من اليمين و اليسار تماثيل عظماء اليونان مثل "بركليس".
والجدير بالذكر أن هذا المكان اختاره أفلاطون لأنه أحبه طبعاً ولأن أستاذه الحكيم سقراط كان يؤثره بسبب نضارة زرعه وصفاء مياهه مع وجود الجداول الجميلة التي تبهج النفس وتريح الأعصاب وتعين على التأمل.
وقد وصف أفلاطون بستان الأكاديمية في محاورة "فيدروس" حيث قال: إن سقراط وتلميذه فيدروس ذهبا إلى البستان واستمتعا بوضع أرجلهما الحافية في الجدول وخاضا فيه ثم جلسا على الأرض في ظل شجرة جميلة باسقة.
وكان أفلاطون يكره تدوين الفلسفة لأنها ليست معلومات يمكن تلقينها وانتهى الأمر، بل هي تفكر وحكمة، ولابد أن تشرق من داخل الإنسان، وهذا الإشراق يكون بعد مصاحبة مرشد صادق ومن خلال هذه الصحبة يأتي بريق الفهم فيضيء النفس، فوظيفة الفلسفة هي إحياء النفوس وصقلها وتزكيتها لتكتشف الحقائق بنفسها من نفسها.
والآن، ألا يبدو أننا نحتاج إلى مفهوم أفلاطون عن الفلسفة، أعني ضرورة الفهم وليس الحفظ والتلقين، وضرورة التفكر وتهذيب النفس وصقلها بالعلم والتهذيب، ونحن بالطبع نحتاج إلى مفهوم البحث، وكلها مفاهيم أكدتها التجربة البشرية وحكم الفلاسفة وتعاليم الدين..
حاتم السروي : كاتب
الأب سند الحياة
الآباء هم أول أبطالنا في الطفولة، وأعمدة بيوتنا في الكِبر، هم الذين يزرعون فينا الأمان، ويغرسون في قلوبنا القوة والاعتماد على النفس، لا يمكن للكلمات أن تُعبّر عن الدور العظيم الذي يقوم به الأب في حياة أبنائه، فهو الذي يعمل بصمت، ويتحمّل الأعباء دون أن يشتكي، فقط ليصنع لأسرته حياة كريمة ومستقرة.
منذ أن نولد، نراه يركض خلف الرزق، يفكّر في راحتنا أكثر مما يفكر في راحته، يُنفق من عمره وجهده وصحته ليحمل عنا أعباء الدنيا، هو المعلم الأول، والمربّي، والناصح، والحارس الأمين. كم من مرة أخفى ألمه كي لا نشعر بالحزن، وكم من موقف كان هو فيه السند والحائط الذي نحتمي خلفه، فكل نجاح نحققه، يقف خلفه أب ضحّى وبذل وسهر من أجلنا، ومن هنا نقول لكل أب في هذا العالم: جزاك الله عنا كل خير، وبارك لك في عمرك، وأدامك لنا نورًا في دربنا. ينبغي ألا نغفل عن شكرهم، ولا نتقاعس عن الدعاء لهم في كل وقت وحين، فالآباء هم كنوز لا تعوّض، ومهما كبرنا ستظل قلوبنا محتاجة لوجودهم، ونفوسنا معلّقة برضاهم.
علاء رياض
الإجازة الصيفية
بدأت الإجازة السنوية لطلاب المدارس والجامعات، منهم من يتنفس الصعداء بعد عام مرهق وشاق بين الذهاب للمدرسة أو الجامعة وبين الدروس والمذاكرة وضغط الامتحانات، ومن بين هؤلاء الطلاب فئة لا تعرف الصعداء ولا تتنفس الراحة ولا تعرف معنى الرفاهية، فالإجازة تعني مزيد من التعب والإرهاق والمشقة في البحث عن عمل يسد حاجته الضرورية لدفع المصاريف وشراء مستلزمات العام الذي يليه.
الإجازة لا تسمع بهذا المصطلح إلا عند تحقيق الراحة والرفاهية وقضاء وقت بعيداً عن المألوف والمعتاد، أما عند الأطفال الذين يودعون جدران المدرسة ليخرجوا من بابها إلى باب ورشة أو للشارع لبيع المناديل والبحث عن مصدر للمال لمساعدة أهله في تلبية احتياجات الأسرة في ظل غلاء المعيشة على المستوى العالمي، في حين يجلس طفل في نفس العمر وفي نفس المدرسة في بيته تحت نفحات الهواء البارد، لا يقوم بعمل إلا النوم واللعب على الهاتف وتسجيل مقاطع تعبر عن ضجره من الدنيا وما فيها من تعب وجهد وسخط من حياته التى يتمناها الآخرون على الجانب الآخر من الشارع. لكي تكون الإجازة مثمرة يتمتع بها جميع الطلاب، لابد أن تكون هناك ورش تدريبية وندوات تثقيفية وبرامج صيفية تحث على التعاون والإخاء كما هو متبع في دولة الإمارات، يأتي الصيف فتتكاتف الجمعيات والمؤسسات لبناء شخصية الطلاب من خلال تجمعات ترفيهية ثقافية يتبادلون فيها المعرفة ويقدمون فيها مواهبهم ويفرغون فيها طاقتهم، هنا يكون للإجازة معنى وهدف، فالإجازة تعني الصفاء الذهني للقدرة على مواصلة الحياة ومتابعة العمل الذي هو في الأساس عند الطلاب تحصيل العلم، وعند الموظف تقديم الخدمات للجمهور، فكلما قضيت الإجازة بعيداً عن الانفعالات، واتسمت بالهدوء والمتعة والترفيه كانت الحالة النفسية للشخص طبيعية جداً ويستطيع تأدية المطلوب منه على أكمل وجه، لذلك لابد أن نراعي الطلاب الذين ينغمسون في العمل الإضافي لمساعدة أهلهم بأن نمنحهم ولو القليل من الرعاية التى تؤهلهم للاستمتاع بالإجازة كرفقائهم في التحصيل المعرفي.
الشيماء محمد : خبير صحافة وإعلام تربوي
ومضة من الطريق
يُحكى أن رجلاً زوّج ابنتيه، إحداهما لفلاح، والأخرى لصاحب مصنع فخار. مرت الأيام، واشتاق الوالد لابنتيه، فقرر أن يزورهما ليطمئن على أحوالهما. الزيارة الأولى: بيت الفلاح، استقبلته ابنته الأولى بوجه بشوش، وقالت له: "يا أبي، زوجي استأجر أرضًا وزرعها، لكننا استدنّا ثمن البذور، فإن أمطرت السماء سنُسدد الدين ونحيا، وإن لم تمطر فسنقع في ورطة."
هزّ الوالد رأسه متأملًا وقال في نفسه: "اللهم ارزقهم المطر."
الزيارة الثانية: بيت صانع الفخار، رحبت به ابنته الثانية، وقالت له بقلق: "زوجي اشترى ترابًا بالدين، وصنع منه فخارًا وجففه تحت الشمس، فإن أمطرت، فكل شيء سيذوب، ونخسر تعبنا."
فقال الأب في نفسه: "اللهم لا تمطر!" عندما عاد إلى بيته، سألته زوجته: "كيف حال البنتين؟"
فقال: "إن أمطرت فواحدة تهلك، وإن لم تمطر فالأخرى تتألم… فقلت: الحمد لله على كل حال."
ثم أردف: "علمتني الحياة أن الرضا هو المطر الحقيقي."
دروس من القصة: الحياة ليست دائمًا عادلة للجميع في نفس الوقت، ما يُفرح شخصًا قد يُحزن آخر، لذا كن راضيًا بما قُسم لك، وادعُ للناس بالخير دون أن تقارن، الرضا هو المفتاح، لن تستطيع تغيير الظروف دائمًا، لكنك تستطيع تغيير رد فعلك عليها، الحكمة أن تحمد الله في كل حال، فكل ما يأتي من الله خير، حتى إن لم نفهمه الآن.
كثيرٌ من مشاكلنا مع الناس ليست لأنهم سيئون… بل لأننا لم نحسن الفهم، ربما أساء شخصٌ التعبير، فأسأتَ أنتَ التفسير، وربما نقل إليك كلامًا عن أحدهم، فصدّقته دون أن تسمع منه، فلا تجعل الظن يغلبك، بل استفسر وافهم وتأنّ، فالحياة لا تعطيك كل ما تريد، لكنها تعطيك ما تحتاجه لتتطور، لكل من عرف أن الحكمة ليست فقط في القول… بل في حسن الظن، والرضا، واليقين.
المهندس سامي الفاضل أحمد
لألأة الشعر
للشعـــر منزلـــة العشــــاق فـي أفـــــق
كالشمـــس فــي غســق حسناء فـــي شفق
ومــن لآلــئ نظـــم الشعــــر روعتـــــــه
عبـــر الفصاحـــة، والإبـــلاغ في نســــق
يســري كنسمــة روح فــي الدجـى عبَـــقَا
تشـدو القلوب، وتُحيي الروح في رمـــــق
ما الشعر إلا صدى الإحساس إن صدحت
بــه المشاعر، محمــول علــى عنــــــــقي
يأتـــي كنجــم علــى الآفــــاق منسكـــــبا
يحلـــو إذا انتظـــم الإبـــداع في طــــرق
نبــض القصيــد إذا ما استلهمـــت همــم
يهتـــز فــي صدحــهِ التاريــخ في ألـــق
أمنية كانوني : شاعرة
القرب الحقيقي
قد نتفاجأ أحيانًا في رحلة الحياة أن القرب الجغرافي لا يعني دائمًا قربًا حقيقيًا، وأن البُعد المكاني لا يمنع أرواحًا معينة من أن تكون بجانبنا في أصعب اللحظات، و لكن هناك أشخاص يحيطون بنا يوميًا لكن وجودهم أشبه بالفراغ، لا يشعرون بالأمان ولا يشاركوننا أفراحنا، فيصبحون مجرد ظلال تعبر حياتنا دون أثر.
وفي المقابل هناك من تفصلنا عنهم المسافات لكنهم قريبون من قلوبنا بشكل يصعب تفسيره، هؤلاء يظهرون وقت الحاجة يتواجدون بكلماته بأفعالهم وبدعمهم الصادق وكأنهم يرسلون رسائل بأن العلاقات الحقيقية لا تعرف حدودًا أو مسافات.
هذه المفارقة تجعلنا نعيد تقييم مفهوم القرب والبعد في حياتنا و أن ليس كل من هو حولنا قريباً وليس كل من هو بعيد غريباً.
إن الأشخاص الذين يثبتون وجودهم في الأوقات العصيبة هم الذين يستحقون مكانة خاصة في قلوبنا فهم من يعطون للحياة معنى ومن يذكروننا أن القيمة الحقيقية للعلاقات ليست في التواجد الجسدي بل في التواجد الروحي والعاطفي.
لعل هذه التجارب تعلمنا أن نركز على من يضيف لحياتنا قيمة وألا نستنزف مشاعرنا مع من يجعلنا نشعر بالغربة ونحن بجانبهم. الحياة قصيرة وعلينا أن نحيط أنفسنا بأرواح صادقة تمنحنا الدعم والأمان سواء كانت قريبة جسديًا أو بعيدة.
و لأن الحياة رحلة مملوءة بالتجارب والعلاقات وللأشخاص الذين نُحيط أنفسنا بهم تأثير مباشر على مسيرتنا.
هناك من يضيفون لحياتنا قيمة حقيقية يُلهموننا ويدفعوننا نحو تحقيق أحلامنا ، وهناك من يستهلكون وقتنا وطاقتنا دون أن يُقدموا شيئًا يُذكر لذلك فإن القدرة على التمييز بين هؤلاء وأولئك وحُسن اختيار من نُرافقهم تُعتبر من أهم المهارات الحياتية.
و من هنا نجد أن الأشخاص الذين يضيفون قيمة لحياتنا هؤلاء هم الذين يُشكلون مصدر دعم وإلهام و وجودهم في حياتنا يُثري تجربتنا سواء من خلال تقديم النصيحة أو مساعدتنا في تجاوز التحديات أو مشاركتنا في تحقيق أهدافنا فإنهم من يُعززون الثقة بالنفس من خلال التشجيع والدعم، يُشاركوننا الأهداف ويساعدوننا على تحقيقها، يُقدمون النقد البناء الذي يُساعدنا على التحسن، ويمنحوننا الطاقة الإيجابية التي نحتاجها للاستمرار.
وعلى الجانب الآخر هناك أشخاص يشغلون حياتنا دون أن يُضيفوا أي قيمة هؤلاء غالبًا ما يكونون، مصدرًا للتوتر والإحباط بسبب نظرتهم السلبية للحياة، مُستهلكين للوقت عبر أحاديث لا طائل منها أو طلبات متكررة، عائقًا للتقدم بسبب تأثيرهم السلبي على تركيزنا وإنتاجيتنا، ان اختيار الأشخاص المناسبين يؤثر بشكل مباشر على نجاحنا وسعادتنا. وعندما نُحيط أنفسنا بأشخاص إيجابيين وداعمين نلاحظ تحقيق الأهداف بسرعة أكبر لأن البيئة الإيجابية تُعزز من حماسنا وتركيزنا، الاستقرار النفسي والعاطفي فالعلاقات الصحية تُخفف من ضغوط الحياة، النمو الشخصي والمهني بدعم من أشخاص لديهم خبرة ورؤية، توفير الوقت والجهد عبر تجنب العلاقات غير المثمرة. بعض النصائح للتعرف على الأشخاص المناسبين، قيّم العلاقة بواقعية "هل تُضيف هذه العلاقة قيمة لحياتك، ابحث عن المشترك بينكما ركز على الأشخاص الذين يشاركونك نفس "القيم والطموحات"، ضع حدودًا واضحة لتجنب تأثير الأشخاص السلبيين على" وقتك وطاقتك"، وكن مستعدًا للتغيير إذا شعرت أن علاقة ما تُثقل حياتك فلا تتردد في "إعادة النظر فيها"، اختيار الأشخاص الذين يُضيفون لحياتنا هو استثمار طويل الأمد يُساعدنا على بناء مسيرة حياتية ناجحة ومستقرة، فالتمييز بين من يُلهمنا ومن يُثقلنا هو بمثابة خطوة حاسمة نحو حياة مملوءة بالإنجازات والسعادة لذلك كن حكيمًا في اختيار من تُرافقهم لأنهم يُشكلون جزءًا كبيرًا من رحلتك نحو النجاح، لأن "العلاقات ليست بعددها بل بعمقها و عطائها".
د. إيمان فؤاد : مستشارة الصحة النفسية والتربوية